التفاسير

< >
عرض

عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً
٦
-الإنسان

روح المعاني

قوله تعالى: { عَيْناً } بدل من (كافور) وقال قتادة يمزج لهم بالكافور ويختم لهم بالمسك وذلك لبرودة الكافور وبياضه وطيب رائحته فالكافور بمعناه المعروف. وقيل إن خمر الجنة قد أودعها الله تعالى إذ خلقها أوصاف الكافور الممدوحة فكونه مزاجاً مجاز في الاتصاف بذلك فعيناً على هذين القولين بدل من محل (كأس) على تقدير مضاف أي يشربون خمراً خمر عين، أو نصب على الاختصاص بإضمار أعني أو أخص كما قال المبرد، وقيل على الحال من ضمير { مِزَاجُهَا } [الإنسان: 5] وقيل من (كأس) وساغ لوصفه وأريد بذلك وصفها بالكثرة والصفاء، وقيل منصوب بفعل يفسره ما بعد أعني قوله تعالى: { يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ } على تقدير مضاف أيضاً أي يشربون ماء عين يشرب بها الخ وتعقب بأن الجملة صفة { عَيْناً } فلا يعمل فعلها بها وما لا يعمل لا يفسر عاملاً. وأجيب بمنع كونها صفة على هذا الوجه. والتركيب عليه نحو رجلاً ضربته نعم هي صفة عين على غير هذا الوجه والباء للإلصاق وليست للتعدية وهي متعلقة معنى بمحذوف أي يشرب الخمر ممزوجة بها أي بالعين عباد الله وهو كما تقول شربت الماء بالعسل، هذا إذا جعل كافوراً علم عين في الجنة وأما على القولين الآخرين فقيل وجه الباء أن يجعل الكلام من باب:

يجرح في عراقيبها نصلي

لإفادة المبالغة. وقيل الباء للتعدية وضمن { يَشْرَبُ } معنى يروي فعدي بها. وقيل هي بمعنى من وقيل هي زائدة والمعنى يشربها كما في قول الهذلي:

شربن بماء البحر ثم ترفعت متى لجج خضر لهن نئيج

ويعضد هذا قراءة ابن أبـي عبلة (يشربها) وقيل ضمير (بها) للكأس والمعنى يشربون العين بتلك الكأس وعليه يجوز أن يكون { عَيْناً } مفعولاً ليشرب مقدماً عليه و(عباد الله) المؤمنون أهل الجنة.

{ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً } صفة أخرى لعينا أي يجرونها حيث شاءوا من منازلهم إجراءً سهلاً لا يمتنع عليهم، على / أن التنكير للتنويع أخرج عبد الله بن أحمد في «زوائد الزهد» عن ابن شوزب أنه قال معهم قضبان ذهب يفجرون بها فيتبع الماء قضبانهم وفي بعض الآثار أن هذه العين في دار رسول الله صلى الله عليه وسلم تفجر إلى دور الأنبياء عليهم السلام والمؤمنين.