التفاسير

< >
عرض

وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً
١٩
-النبأ

روح المعاني

{ وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَاء } عطف على { يُنفَخُ } [النبأ: 18] على ما قيل وصيغة الماضي للدلالة على التحقق وعن الزمخشري أنه معطوف على { فَتَأْتُونَ } [النبأ: 18] وليس بشرط أن يتوافقا في الزمان كما يظن من ليس بنحوي وأقره في «الكشف» وقال الشرط في حسنه أن يكون مقرباً من الحال أو يكون المضارع حكاية حال ماضية وما نحن فيه مضارع جىء به بلفظ الماضي تفخيماً وتحقيقاً لوقوعه فهو أقرب / قريب منه ولو جعل حالاً على معنى فتأتون وقد فتحت السماء لكان وجهاً.

وقرأ الجمهور أي من عدا الكوفيين (فتحت) بالتشديد قيل وهو الأنسب بقوله تعالى: { فَكَانَتْ أَبْوٰباً } وفسر الفتح بالشق لقوله تعالى: { إِذَا ٱلسَّمَاء ٱنشَقَّتْ } [الانشقاق: 1] وقوله سبحانه: { إِذَا ٱلسَّمَاء ٱنفَطَرَتْ } [الانفطار: 1] إلى غير ذلك والقرآن يفسر بعضه بعضاً وجاء الفتح بهذا المعنى كفتح الجسور وما ضاهاها ولعل نكتة التعبير به عنه الإشارة إلى كمال قدرته تعالى حتى كان شق هذا الجرم العظيم كفتح الباب سهولة وسرعة. وكان بمعنى صار ولدلالتها على الانتقال من حال إلى أخرى وكون السماء بالشق لا تصير أبواباً حقيقة قالوا إن الكلام على التشبيه البليغ أي فصارت شقوقها لسعتها كالأبواب أو فصارت من كثرة الشقوق كأن الكل أبواب أو بتقدير مضاف أي فصارت ذات أبواب وقيل الفتح على ظاهره والكلام بتقدير مضاف إلى السماء أي فتحت أبواب السماء فصارت كأن كلها أبواب ويجامع ذلك شقها فتشق وتفتح أبوابها. وتعقب بأن شقها لنزول الملائكة كما قال تعالى: { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً } [الفرقان: 25] فإذا شققت لا يحتاج لفتح الأبواب وأيضاً فتح أبوابها ليس من خواص يوم الفصل وفيه بحث نعم إن الوجه الأول أولى. وقيل المعنى بفتح مكان السماء بالكشط فتصير كلها طرقاً لا يسدها شيء وفيه بعد.

وعلى ما تقدم في الآية رد على زاعمي امتناع الخرق على السماء وفيها على هذا رد لزاعمي كشطها كما هو المشهور عن الفلاسفة المتقدمين وإن حقق الملا صدرا في «الأسفار» أن أساطنتهم على خلاف ذلك والفلاسفة اليوم ينفون السماء المعروفة عند المسلمين ولم يأتوا بشيء تؤل له الآيات والأخبار الصحيحة في صفتها كما لا يخفى على الذكي المنصف.