التفاسير

< >
عرض

ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً
٣٩
-النبأ

روح المعاني

{ ذٰلِكَ } إشارة إلى يوم قيامهم على الوجه المذكور وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإيذان بعلو درجته وبعد منزلته في الهول والفخامة، ومحله الرفع على الابتداء خبره قوله تعالى: { ٱلْيَوْمَ } الموصوف بقوله سبحانه: { ٱلْحَقّ } أو هو الخبر و{ ٱلْيَوْمَ } بدل أو عطف بيان، والمراد بالحق الثابت المتحقق أي ذلك اليوم الثابت الكائن لا محالة. والجملة مؤكدة لما قبل ولذا لم تعطف.

والفاء في قوله عز وجل: { فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً } فصيحة تفصح عن شرط محذوف ومفعول المشيئة محذوف دل عليه الجزاء و{ إِلَىٰ رَبّهِ } متعلق بمآباً قدم عليه اهتماماً به ورعاية للفواصل كأنه قيل وإذا كان الأمر كما ذكر من تحقق الأمر المذكور لا محالة فمن شاء أن يتخذ مرجعاً إلى ثواب ربه الذي ذكر شأنه العظيم فعل ذلك بالإيمان والطاعة. وقال قتادة فيما رواه عنه عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن المنذر { مَآباً } أي سبيلاً وتعلق الجار به لما فيه من معنى الإفضاء والإيصال والأول أظهر. وتقدير المضاف أعني الثواب قيل لاستحالة الرجوع إلى ذاته عز وجل وقيل لأن رجوع كل أحد إلى ربه سبحانه ليس بمشيئته إذ لا بد منه شاء أم لا والمعلق بالمشيئة الرجوع إلى ثوابه تعالى فإن العبد مختار في الإيمان والطاعة ولا ثواب بدونها وقيل لتقدم قوله تعالى: { لّلطَّـٰغِينَ مَـئَاباً } [النبأ: 22] فإن لهم مرجعاً لله تعالى أيضاً لكن للعقاب لا للثواب ولكل وجهة.