التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً
٩
-النبأ

روح المعاني

أي كالسبات ففي الكلام تشبيه بليغ كما تقدم. والمراد بالسبات الموت وقد ورد في اللغة بهذا المعنى ووجه تشبيه النوم به ظاهر وعلى ذلك قوله تعالى: { وَهُوَ ٱلَّذِى يَتَوَفَّـٰكُم بِٱلَّيْلِ } [الأنعام: 60] وهو على بناء الأدواء مشتق من السبت بمعنى القطع لما فيه من قطع العمل والحركة ويقال سبت شعره إذا حلقه وأنفه إذا اصطلمه. وزعم ابن الأنباري كما في «الدرر» أنه لم يسمع السبت بمعنى القطع وكأنه كان أصم. وقيل أصل السبت التمدد كالبسط يقال سبت الشعر إذا حل عقاصه وعليه تفسير السبات بالنوم الطويل الممتد والامتنان به لما فيه من عدم الانزعاج، وجوز بعضهم حمله على النوم الخفيف بناء على ما في «القاموس» من إطلاقه عليه على أن المعنى جعلنا نومكم نوماً خفيفاً غير ممتد فيختل به أمر معاشكم ومعادكم. وفي «البحر» سباتاً أي سكوناً وراحة يقال سبت الرجل إذا استراح وزعم ابن الأنباري أيضاً عدم سماع سبت بهذا المعنى ورد عليه المرتضى بأنه أريد الراحة اللازمة للنوم وقطع الإحساس فإن في ذلك راحة القوى الحيوانية مما عراها في اليقظة من الكلام ومنه سمي اليوم المعروف سبتاً لفراغ وراحة لهم فيه، وقيل سمي بذلك لأن الله تعالى ابتدأ بخلق السمٰوات والأرض يوم الأحد فخلقها في ستة أيام كما ذكر عز وجل فقطع عمله سبحانه يوم السبت فسمي بذلك. واختار المحققون كون السبات هنا بمعنى الموت لأنه أنسب بالمقام كما لا يخفى.