التفاسير

< >
عرض

فَأَرَاهُ ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ
٢٠
-النازعات

روح المعاني

فصيحة تفصح عن جمل قد طويت تعويلاً على تفصيلها في موضع آخر كأنه قيل فذهب وكان كيت وكيت فأراه واقتصر الزمخشري في «الحواشي» على تقدير جملة فقال إن هذا معطوف على محذوف والتقدير فذهب فأراه لأن قوله تعالى { ٱذْهَبْ } [النازعات: 17] يدل عليه فهو على نحو { ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنبَجَسَتْ } [الأعراف: 160] والآراء إما بمعنى التبصير أو بمعنى التعريف فإن اللعين حين أبصرها عرفها وادعاء سحريتها إنما كان إظهاراً للتجلد ونسبتها إليه عليه الصلاة والسلام بالنظر إلى الظاهر كما أن نسبتها إلى نون العظمة في قوله تعالى { وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا } [طه: 56] بالنظر إلى الحقيقة.

والمراد بالآية الكبرى على ما روي عن ابن عباس قلب العصا حية فإنها كانت المقدمة والأصل والأخرى كالتبع لها، وعلى ما روي عن مجاهد ذلك واليد البيضاء فإنهما باعتبار الدلالة كالآية الواحدة وقد عبر عنهما بصيغة الجمع في قوله تعالى: { ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي } [طه: 42] باعتبار ما في تضاعيفهما من بدائع الأمور التي كل منها آية بينة لقوم يعقلون. وجوز أن يراد بها مجموع معجزاته عليه السلام والوحدة باعتبار ما ذكر والفاء لتعقيب أولها أو مجموعها باعتبار أولها وكونها كبرى باعتبار معجزات من قبله من الرسل عليهم السلام أو هو للزيادة المطلقة ولا يخفى بعده ويزيده بعداً ترتيب حشر السحرة بعد فإنه لم يكن إلا على إراءة تينك الآيتين وإدباره عن العمل بمقتضاهما وأما ما عداهما من التسع فإنما ظهر على يده عليه السلام بعد ما غلب السحرة على مهل في نحو من عشرين سنة. وزعم غلاة / الشيعة أن الآية الكبرى علي كرم الله تعالى وجهه أراه إياه متطورة روحه الكريمة بأعظم طور وهو هذيان وراء طور العقل وطور النقل.