التفاسير

< >
عرض

فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً
٢٧
-عبس

روح المعاني

فإن الشق بالمعنى المذكور لا ترتب بينه وبين الإمطار أصلاً ولا بينه وبين إنبات الحب بلا مهلة فإن المراد بالنبات ما نبت من الأرض إلى أن يتكامل النمو وينعقد الحب فإن انشقاق الأرض بالنبات لا يزال يتزايد ويتسع إلى تلك المرتبة. على أن مساق النظم الكريم لبيان النعم الفائضة من جنابه تعالى على وجه بديع خارج عن العادات المعهودة كما ينبىء عنه إرداف الفعلين بالمصدرين فتوسيط فعل المنعم عليه في حصول تلك النعم مخل بالمرام وللبحث فيه مجال وقيل عليه أيضاً إن الشق بالكراب لا يظهر في العنب والزيتون والنخل وأجيب بأنه ليس من لوازم العطف تقييد المعطوف بجميع ما قيد به المعطوف عليه ويحتمل أن يكون ذكر الكراب في القيل على سبيل التمثيل أو أريد به ما يشمل الحفر. وجوز أن يكون المراد شقها بالعيون على أن المراد بصب الماء إمطار المطر وبهذا إجراء الأنهار وتعقب بأنه يأباه ترتب الشق على صب الماء بكلمة التراخي وأيضاً ترتب الإنبات على مجموع الصب والشق بالمعنى المذكور لا يلائم قوله تعالى: { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجاً * لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً } [النبأ: 14ـ15] الآية لإشعاره باستقلال الصب وإنزال الغيث في ذلك ودفعاً بأن ماء العيون من المطر لا من الأبخرة المحتبسة في الأرض ولا يخفى على ذي عين أن هذا الوجه بعيد متكلف. والمراد بالحب جنس الحبوب التي يتقوت بها وتدخر كالحنطة والشعير والذرة وغيرها.