التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ
١٩
-الانفطار

روح المعاني

وقوله سبحانه: { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } بيان إجمالي لشأن يوم الدين إثر إبهامه وإفادة خروجه عن الدائرة الدراية قيل بطريق إنجاز الوعد فإن نفي الإدراء مشعر بالوعد الكريم بالإدراء على ما روي عن ابن عباس من أنه قال كل ما في القرآن من قوله تعالى: { مَا أَدْرَاكَ } فقد أدراه وكل ما فيه من قوله عز وجل: { مَا يُدْرِيكَ } [الأحزاب: 63] فقد طوي عنه.

و(يوم) منصوب بإضمار اذكر كأنه قيل بعد تفخيم أمر يوم الدين وتشويقه صلى الله عليه وسلم إلى معرفته اذكر يوم لا تملك نفس من النفوس لنفس من النفوس مطلقاً لا للكافرة فقط كما روي عن مقاتل شيئاً من الأشياء الخ فإنه يدريك ما هو، أو مبني على الفتح محله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف على رأي من يرى جواز بناء الظرف إذا أضيف إلى غير متمكن وهم الكوفيون أي هو يوم لا تملك الخ، وقيل هو نصب على الظرفية بإضمار يدانون أو يشتد الهول أو نحوه مما يدل عليه السياق أو هو مبنى على الفتح محله الرفع على أنه بدل من { يَوْمَ ٱلدِّينِ } وكلاهما ليسا بذاك لخلوهما عن إفادة ما أفاده ما قبل.

وقرأ ابن أبـي إسحٰق وعيسى وابن جندب وابن كثير وأبو عمرو (يوم) بالرفع بلا تنوين على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو يوم لا بدل لما سمعت آنفاً. وقرأ محبوب عن أبـي عمرو (يوم) بالرفع والتنوين فجملة { لاَ تَمْلِكُ } الخ في موضع الصفة له والعائد محذوف أي فيه.

والأمر كما قال في «الكشف» واحد الأوامر لقوله تعالى { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } [غافر: 16] فإن الأمر / من شأن الملك المطاع واللام للاختصاص أي الأمر له تعالى لا لغيره سبحانه لا شركة ولا استقلالاً أي إن التصرف جميعه في قبضة قدرته عز وجل لا غير وفي تحقيق قوله تعالى { لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً } لدلالته على أن الكل مسوسون مطيعون مشتغلون بحال أنفسهم مقهورون بعبوديتهم لسطوات الربوبية. وقيل واحد الأمور أعني الشأن وليس بذاك وقول قتادة فيما أخرجه عنه عبد بن حميد وابن المنذر أي ليس ثم أحد يقضي شيئاً ولا يصنع شيئاً غير رب العالمين تفسير لحاصل المعنى لا إيثار لذلك.

هذا وقوله وحده ليس بحجة يترك له الظاهر والمنازعة في الظهور مكابرة، وأياً ما كان فلا دلالة في الآية على نفي الشفاعة يوم القيامة كما لا يخفى والله تعالى أعلم.