التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ
٩
-الطارق

روح المعاني

أي يتعرف ويتصفح ما أسر في القلوب من العقائد والنيات وغيرها ومما أخفى من الأعمال ويميز بين ما طاب منها وما خبث. وأصل الابتلاء الاختبار وإطلاقه على ما ذكر إطلاق على اللازم وحمل السرائر على العموم هو الظاهر وأخرج ابن المنذر عن عطاء ويحيـى بن أبـي كثير أنها الصوم والصلاة والغسل من الجنابة وأخرج البيهقي في «الشعب» عن أبـي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ضمن الله تعالى خلقه أربعاً: الصلاة والزكاة وصوم رمضان والغسل من الجنابة وهن السرائر التي قال الله تعالى { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ }" وفي «البحر» ضم التوحيد إليها ولعل المراد بيان عظيمها على سبيل المبالغة لا حقيقة الحصر وسمع الحسن من ينشد قول الأخوص:

سيبقى لها في مضمر القلب والحشا سريرة ودّ يوم تبلى السرائر

فقال ما أغفله عما في { وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ } [الطارق: 1] وكأنه حمل البقاء فيه على عدم التعرف أصلاً فليفهم.

و(يوم) عند جمع من الحذاق ظرف لمحذوف يدل عليه { رَجْعِهِ } [الطارق: 8] أي يرجعه يوم الخ وقال الزمخشري وجماعة: ظرف لرجعه واعترض بأن فيه فصلاً بين المصدر ومعموله بأجنبـي وأجيب تارة بأنه جائز لتوسعهم في الظروف وأخرى بأن الفاصل هنا غير أجنبـي لأنه إما تفسير أو عامل على المذهبين. وقال عصام الدين: إن الفصل بهذا الأجنبـي كلا فصل لأن المعمول في نية التقديم عليه وإنما أخر لرعاية الفاصلة وفيه ما لا يخفى وقيل ظرف لناصر بعد وتعقبه أبو حيان بأنه فاسد لأن ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها وكذلك ما النافية على المشهور المنصور وقيل معمول لاذكر محذوفاً وهو كما ترى ويتعين هو أو ما قبله على رأي مجاهد وعكرمة ورأي الضحاك السابقين آنفاً وجوز الطبرسي تعلقه بقادر ولم يعلقه جمهور المعربين به لأنه يوهم اختصاص قدرته عز وجل بيوم دون يوم كما قال غير واحد وقال ابن عطية فروا من أن يكون العامل لقادر للزوم تخصيص القدرة في ذلك اليوم وحده وإذا تؤمل المعنى وما يقتضيه فصيح كلام العرب جاز أن يكون العامل وذلك أنه تعالى قال: { عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } على الإطلاق أولاً وآخراً وفي كل وقت ثم ذكر سبحانه من الأوقات الوقت الأعظم على الكفار لأنه وقت الجزاء والوصول إلى العذاب ليجتمع الناس على حذره والخوف منه انتهى وهو على ما فيه لا يدفع الإيهام.