التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ
٢
-الأعلى

روح المعاني

{ ٱلَّذِى خَلَقَ } الخ إن كان صفة للرب كما هو الظاهر لزم الفصل بين الموصوف وصفته بصفة غيره وهو لا يجوز فلا يقال رأيت غلام هند العاقل الحسنة، وإن كان صفة لاسم أيضاً اختل المعنى إذ الاسم لا يتصف بالخلق وما بعده / وأجيب باختيار الثاني ولا اختلال إما لأن الاسم بمعنى المسمى أو لأنه لما كان مقحماً كان { ٱسْمَ رَبّكَ } [الأعلى: 1] بمنزلة ربك فصح وصفه بما يوصف به الرب عز وجل وفيه نظر، والجواب المقبول أن { ٱلَّذِى } على ذلك التقدير إما مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو منصوب على المدح. ومفعول { خَلَقَ } محذوف ولذا قيل بالعموم أي الذي خلق كل شيء { فَسَوَّىٰ } أي فجعله متساوياً وهو أصل معناه والمراد فجعل خلقه كما تقتضيه حكمته سبحانه في ذاته وصفاته وفي معناه ما قيل أي فجعل الأشياء سواء في باب الإحكام والإتقان لا انه سبحانه أتقن بعضاً دون بعض.

ورد - بما دلت عليه الآية من العموم - على المعتزلة في زعمهم أن العبد خالق لأفعاله والزمخشري مع أن مذهبه مذهبهم قال هنا بالعموم ولعله لم يرد العموم الحقيقي أو أراده لكن على معنى خلق كل شيء إما بالذات أو بالواسطة وجعل ذلك في أفعال العباد بإقداره سبحانه وتمكينهم على خلقها باختيارهم وقدرهم الموهوبة لهم. وعن الكلبـي خلق كل ذي روح فسوى بين يديه وعينيه ورجليه. وعن الزجاج خلق الإنسان فعدل قامته ولم يجعله منكوساً كالبهائم وفي كل تخصيص لا يقتضيه ظاهر الحذف.