التفاسير

< >
عرض

فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ
٥
-الأعلى

روح المعاني

{ فَجَعَلَهُ غُثَاء } هو ما يقذف به السيل على جانب الوادي من الحشيش والنبات وأصله على ما في «المجمع» الأخلاط من أجناس شتى والعرب تسمي القوم إذا اجتمعوا من قبائل شتى أخلاطاً وغثاء، ويقال غثاء بالتشديد وجاء جمعه على أغثاء وهو غريب من حيث جمع فعال على أفعال والمراد به هنا اليابس من النبات أي فجعله بعد ذلك يابساً { أَحْوَىٰ } من الحوة وهي كما قيل السواد وقال الأعلم لون يضرب إلى السواد وفي «الصحاح» الحوة السمرة فالمراد بأحوى أسود أو أسمر والنبات إذا يبس اسود أو اسمر فهو صفة مؤكدة للغثاء وتفسر الحوة بشدة الخضرة وعليه قول ذي الرمة:

لمياه في شفتيها حوة لعس وفي اللثات وفي أنيابها شنب

ولا ينافي ذلك تفسيرها بالسواد لأن شدة الخضرة ترى في بادىء النظر كالسواد. وجوز كونه حالاً من { ٱلْمَرْعَىٰ } أي أخرج المرعى حال كونه طريا غضا شديد الخضرة فجعله غثاء، والفصل بالمعطوف بين الحال وصاحبها ليس فصلاً بأجنبـي لا سيما وهو حال يعاقب الأول من غير تراخ وسر التقديم المبالغة في استعقاب حالة الجفاف حالة الرفيف / والغضارة كأنه قبل أن يتم رفيفه وغضارته يصير غثاء ومع هذا هو خلاف الظاهر وهذه الأوصاف على ما قيل يتضمن كل منها التدريج ففي الوصف بها تحقيق لمعنى التربية وهي تبليغ الشيء كماله شيئاً فشيئاً. وقوله تعالى: { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ }.