التفاسير

< >
عرض

ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً
٢٨
-الفجر

روح المعاني

{ ٱرْجِعِى } أي من حيث حوسبت { إِلَىٰ رَبّكَ } أي إلى محل عنايته تعالى وموقف كرامته عز وجل لك أولاً وهذا لأن للسعداء قبل الحساب كما يفهم من الأخبار موقفاً في المحشر مخصوصاً يكرمهم الله تعالى به لا يجدون فيه ما يجده غيرهم في مواقفهم من النصب ومنه ينادى الواحد بعد الواحد للحساب فمتى كان هذا القول عند تمام الحساب / اقتضى أن يكون المعنى ما ذكر. ويجوز أن يكون المعنى ارجعي بتخلية القلب عن الأعمال والالتفات إليها والاهتمام بأمرها أتقبل أم لا أي إلى ملاحظة ربك والانقطاع إليه وترك الالتفات إلى ما سواه عز وجل كما كنت أولاً كأن النفس المطمئنة لما دعيت للحساب شغل فكرها وإن كانت مطمئنة بمقتضى الطبيعة وحال اليوم بأمر الحساب وما ينتهى إليه وأنه ماذا يكون حال أعمالها أتقبل أم لا فلما تم حسابها وقبلت أعمالها قيل لها ذلك تطييباً لقلبها بأن الأمر قد انتهى وفرغ منه وليس بعد الأكل خير. ونداؤها بعنوان الاطمئنان لتذكيرها بما يقتضي الرجوع نظير قولك لشجاع مشهور بالشجاعة أحجم في بعض المواقف، يا أيها الشجاع أقدم ولا تحجم والظاهر أنه على الأول لا يناسبها ولا يخفى ما في قوله سبحانه { إِلَىٰ رَبّكَ } على الوجهين من مزيد اللطف بها ولذا لم يقل نحو ارجعي إلى الله تعالى أو إليَّ { رَّاضِيَةٍ } أي بما تؤتينه من النعم التي لا تتناهى وقد يقال راضية بما نلتيه من خفة الحساب وقبول الأعمال وليس بذاك { مَّرْضِيَّةً } أي عند الله عز وجل وقيل المراد راضية عن ربك مرضية عنده وزعم أنه الأظهر واعترض بأنه غير مناسب للسياق وفيه نظر. والوصفان منصوبان على الحال والظاهر أن الحال الأولى مقدرة وقيل مقارنة وذكر الحال الثانية من باب الترقي فقد قال سبحانه وتعالى { وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } [التوبة: 72].