التفاسير

< >
عرض

لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ
٤٨
-التوبة

روح المعاني

{ لَقَد ابْتَغُوُا الْفتْنَةَ } تشتيت شملك وتفرق أصحابك { مِن قَبْلُ } أي من قبل هذه الغزوة، وذلك كما روي عن الحسن يوم أحد حين انصرف عبد الله بن أبـي بن سلول بأصحابه المنافقين، وقد تخلف بهم عن هذه الغزوة أيضاً بعد أن خرج مع النبـي صلى الله عليه وسلم إلى قريب من ثنية الوداع، وروي عن سعيد بن جبير وابن جريج أن المراد بالفتنة الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة، وذلك أنه اجتمع اثنا عشر رجلاً من المنافقين ووقفوا على الثنية ليفتكوا به عليه الصلاة والسلام فردهم الله تعالى خاسئين { وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ } أي المكايد تقليبها مجاز عن تدبيرها أو الآراء وهو مجاز عن تفتيشها، أي دبروا لك المكايد والحيل أو دوروا الآراء في إبطال أمرك. وقرىء { وقلبوا } بالتخفيف { حَتَّىٰ جَاءَ ٱلْحَقُّ } أي النصر والظفر الذي وعده الله تعالى { وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ } أي غلب دينه وعلا شرعه سبحانه { وَهُمْ كَـٰرِهُونَ } أي في حال كراهتهم لذلك أي على رغم منهم، والإتيان كما قالوا لتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن تخلف المتخلفين وبيان ما ثبطهم الله تعالى لأجله وهتك أستارهم وإزاحة أعذارهم تداركاً لما عسى يفوت بالمبادرة إلى الإذن وإيذاناً بأن ما فات بها ليس مما لا يمكن تلافيه تهويناً للخطب.