التفاسير

< >
عرض

أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ
١٦
-البلد

روح المعاني

أي افتقار وهو مصدر ميمي كما تقدم من ترب إذا افتقر ومعناه التصق بالتراب وأما أترب فاستغنى أي صار ذا مال كالتراث في الكثرة كما قيل أثرى وعن ابن عباس أنه فسره هنا بالذي لا يقيه من التراب شيء وفي رواية أخرى هو المطروح على ظهر الطريق قاعداً على التراب لا بيت له وهو قريب مما أخرجه ابن مردويه عن ابن عمر مرفوعاً «هو الذي مأواه المزابل» فإن صح لا يعدل عنه وفي رواية أخرى عن ابن عباس هو الذي يخرج من بيته ثم يقلب وجهه إليه مستيقناً أنه ليس فيه إلا التراب وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبـي حاتم عنه أنه قال في ذلك يعني بعيد التربة أي بعيداً من وطنه وهو بعيد. والصفة على بعض هذه التفاسير صفة كاشفة وبعض آخر مخصصة و(أو) على ما في «البحر» للتنويع وقد استشكل عدم تكرار لا هنا مع أنها دخلت على الماضي وهم قالوا يلزم تكرارها حينئذ كما في قوله تعالى: { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ } } [القيامة: 31] وقول الحطيئة:

وإن كانت النعماء فيهم جزوا بها وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا

وشذ قوله:

لا هم أن الحرث بن جبله جنى على أبيه ثم قتله
وكان في جاراته لا عهد له فأي أمر سيـىء لا فعله

وأجيب بأن اللازم تكرارها لفظاً أو معنى وهي هنا مكررة معنى لأن تفسير العقبة بما فسرت به من الأمور المتعددة يلزم منه تفسير الاقتحام فيكون { فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ } [البلد: 11] في معنى فلا فك رقبة ولا أطعم يتيماً الخ وقد يقال في البيت نحو ذلك بأن يقال إن العموم فيه قائم مقام التكرار ويلزمه على ما قيل جواز لا جاءني زيد وعمرو لأنه في معنى لا جاءني زيد ولا جاءني عمرو ومنعه بعضهم وقال الزجاج والفراء يجوز أن يكون منه قوله تعالى: { ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ }.