التفاسير

< >
عرض

وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا
١٥
-الشمس

روح المعاني

{ وَلاَ يَخَافُ } أي الرب عز وجل { عُقْبَـٰهَا } أي عاقبتها وتبعتها كما يخاف المعاقبون من الملوك عاقبة ما يفعلونه وتبعته وهو استعارة تمثيلية لإهانتهم وأنهم أذلاء عند الله جل جلاله. والواو للحال أو للاستئناف وجوز أن يكون ضمير { لاَ يَخَافُ } للرسول والواو للاستئناف لا غير على ما هو الظاهر أي ولا يخاف الرسول عقبـى هذه الفعلة بهم إذ كان قد أنذرهم وحذرهم وقال السدي والضحاك ومقاتل والزجاج وأبو علي الواو للحال والضمير عائد على { أَشْقَاهَا } أي انبعث لعقرها وهو لا يخاف عقبـى فعله لكفره وطغيانه وهو أبعد مما قبله بكثير.

وقرأ أبـي والأعرج ونافع وابن عامر (فلا يخاف) بالفاء وقرىء (ولم يخف) بواو وفعل مجزوم بلم.

هذا واختلف في هؤلاء القوم هل آمنوا ثم كفروا أو لم يؤمنوا أصلاً؟ فالجمهور على الثاني وذهب بعض إلى أنهم آمنوا وبايعوا صالحاً مدة ثم كذبوه وكفروا فأهلكوا بما فصل في موضع آخر. وقال الشيخ الأكبر محيـي الدين قدس سره في «فصوصه» إنهم وقوم لوط عليه السلام لا نجاة لهم يوم القيامة بوجه من الوجوه ولم يساو غيرهم من الأمم المكذبة المهلكة في الدنيا كقوم نوح عليه السلام بهم. ولكلامه قدس سره أهل يفهمونه فارجع إليهم في فهمه إن وجدتهم.

وذكر بعض أهل التأويل أن الشمس إشارة إلى ذات واجب الوجود سبحانه وتعالى وضحاها إشارة إلى الحقيقة المحمدية والقمر إشارة إلى ماهية الممكن المستفيدة للوجود من شمس الذات والنهار إشارة إلى العالم بسائر أنواعه الذي ظهرت به صفات جمال الذات وجلاله وكماله والليل إشارة إلى وجود ما يشاهد من أنواع الممكنات الساتر في أعين المحجوبين للوجود الحق والسماء إشارة إلى عالم العقل والأرض إشارة إلى عالم الجسم والنفس معلومة وناقة الله إشارة إلى راحلة الشوق الموصلة إليه سبحانه وسقياها إشارة إلى مشربها من عين الذكر والفكر.

وقال بعض آخر الشمس إشارة إلى الوجود الحق الذي هو عين الواجب تعالى فهو أظهر من الشمس { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } [النور: 35] وقال شيخ مشايخنا البندنيجي قدس سره:

ظاهر أنت ولكن لا ترى لعيون حجبتها النقط

وضحاها إشارة إلى أول التعينات بأي اسم سميته والقمر إشارة إلى الأعيان الثابتة المفاضة بالفيض الأقدس أو الشمس إشارة إلى الذات وضحاها إشارة إلى وجودها والإضافة للتغاير الاعتباري والقمر إشارة إلى أول التعينات والنهار إشارة إلى الممكنات المفاضة بالفيض المقدس والليل إشارة إليها أيضاً باعتبار نظر المحجوبين أو النهار إشارة إلى صفة الجمال والليل إشارة إلى صفة القهر والجلال والسماء إشارة إلى عالم اللطافة وذكر النفس بعد مع دخولها في هذا العالم للاعتناء بشأنها والأرض إشارة إلى عالم الكثافة وناقة الله إشارة إلى الطريقة وسقياها / مشربها من عين الشريعة. وقيل غير ذلك والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.