التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ
٢٠
-الليل

روح المعاني

منصوب على الاستثناء المنقطع من { نِّعْمَةٍ } [الليل: 19] لأن الابتغاء لا يندرج فيها فالمعنى لكنه فعل ذلك لابتغاء وجه ربه سبحانه وطلب رضاه عز وجل لا لمكافأة نعمة.

وقرأ يحيـى بن وثاب (ابتغاء) بالرفع على البدل من محل { مِنْ نِّعْمَةٍ } فإنه الرفع إما على الفاعلية أو على الابتداء و(من) مزيدة والرفع في مثل ذلك لغة تميم وعليها قوله:

وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس

وروي بالرفع والنصب على ما في «البحر» قول بشر بن أبـي خازم:

أضحت خلاء قفاراً لا أنيس بها إلا الجآذر والظلمان تختلف

وجوز أن يكون نصبه على أنه مفعول له على المعنى لأن معنى الكلام لا يؤتي ماله لأجل شيء من الأشياء إلا لأجل طلب رضا ربه عز وجل لا لمكافاة نعمة فهو استثناء مفرغ من أعم العلل والأسباب وإنما أول لأن الكلام أعني { يُؤْتِي مَالَهُ } [الليل: 18] موجب والاستثناء المفرغ يختص بالنفي عند الجمهور لكنه لما عقب بقوله تعالى { وَمَا لأَحَدٍ } [الليل: 19] وقد قال سبحانه أولاً { يَتَزَكَّىٰ } متضمناً نفي الرياء والسمعة دل على المعنى المذكور.

وقرأ بن أبـي عبلة (إلا ابتغا) مقصور وفيه احتمال النصب والرفع.

وهذه الآيات على ما سمعت نزلت في أبـي بكر رضي الله تعالى عنه لما أنه كان يعتق رقاباً ضعافاً فقال له أبوه ما قال وأجابه هو بما أجاب وقد أوضحت ما أبهمه رضي الله تعالى عنه في قوله فيه إنما أريد ما أريد وفي رواية ابن جرير وابن عساكر أنه قال أي أبه إنما أريد ما عند الله تعالى وفي رواية عطاء والضحاك عن ابن عباس أنه رضي الله تعالى عنه اشترى بلالاً وكان رقيقاً لأمية بن خلف يعذبه لإسلامه برطل من ذهب فأعتقه فقال المشركون ما أعتقه أبو بكر إلا ليد كانت له عنده فنزلت وهو رضي الله تعالى عنه أحد الذين عذبوا لإسلامهم فاشتراهم الصديق وأعتقهم فقد أخرج ابن أبـي حاتم عن عروة أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أعتق سبعة كلهم يعذب في الله عز وجل بلال وعامر بن فهيرة والنهدية وابنتها ودنيرة وأم عبيس وأمة بني المؤمل وفيه نزلت { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى } [الليل: 17] / إلى آخر السورة.

واستدل بذلك الإمام علي أنه رضي الله تعالى عنه أفضل الأمة وذكر أن في الآيات ما يأبـى قول الشيعة إنها في علي كرم الله تعالى وجهه وأطال الكلام في ذلك وأتى بما لا يخلو عن قيل وقال.