التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ
٣
-الشرح

روح المعاني

أي حمله على النقيض وهو صوت الانتقاض والانفكاك أعني الصرير ولا يختص بصوت المحامل والرحال بل يضاف إلى المفاصل فيقال نقيض المفاصل ويراد صوتها فتقيض الظهر ما يسمع من مفاصله من الصوت لثقل الحمل وعليه قول عباس بن مرداس:

وأنقض ظهري ما تطويت منهم وكنت عليهم مشفقاً متحنناً

/ وإسناد الإنقاض للحمل إسناد للسبب الحامل مجازاً والمراد بالحمل المنقض هنا ما صدر منه صلى الله عليه وسلم قبل البعثة مما يشق عليه صلى الله عليه وسلم تذكره لكونه في نظره العالي دون ما هو عليه عليه الصلاة والسلام بعد أو غفلته عن الشرائع ونحوها مما لا يدرك إلا بالوحي مع تطلبه صلى الله عليه وسلم له أو حيرته عليه الصلاة والسلام في بعض الأمور كأداء حق الرسالة أو الوحي وتلقيه فقد كان يثقل عليه صلى الله تعالى عليه وسلم في ابتداء أمره جداً أو ما كان يرى صلى الله عليه وسلم من ضلال قومه مع العجز عن إرشادهم لعدم طاعتهم له وإذعانهم للحق أو ما كان يرى من تعديهم في إيذائه عليه الصلاة والسلام أو همه عليه الصلاة والسلام من وفاة أبـي طالب وخديجة بناء على نزول السورة بعد وفاتهما ويراد بوضعه على الأول مغفرته وعلى الثاني إزالة غفلته عليه الصلاة والسلام عنه بتعليمه إياه بالوحي ونحوه على الثالث إزالة ما يؤدي للحيرة وعلى الرابع تيسيره له صلى الله عليه وسلم بتدربه واعتياده له وعلى الخامس توفيق بعضهم للإسلام كحمزة وعمر وغيرهما وعلى السادس تقويته صلى الله عليه وسلم على التحمل وعلى السابع إزالة ذلك برفعه إلى السماء حتى لقيه كل ملك وحياه وفوزه بمشاهدة محبوبه الأعظم ومولاه عز وجل.

وأيَّاً ما كان ففي الكلام استعارة تمثيلية والوضع ترشيح لها وليس فيه دليل لنا في العصمة كما لا يخفى. واختار أبو حيان كون وضع الوزر كناية عن عصمته صلى الله عليه وسلم عن الذنوب وتطهيره من الأدناس عبر عن ذلك بالوضع على سبيل المبالغة في انتفاء ذلك كما يقول القائل رفعت عنك مشقة الزيارة لمن لم يصدر منه زيارة على طريق المبالغة في انتفاء الزيارة منه له والتمثيل عليه بحاله على ما قيل.

وقيل المراد وزر أمتك وإنما أضيف إليه صلى الله عليه وسلم لاهتمامه بشأنه وتفكره في أمره والمراد بوضعه رفع غائلته في الدنيا من العذاب العاجل ما دام صلى الله عليه وسلم فيهم وما داموا يستغفرون فقد قال سبحانه { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الأنفال: 33] ولا يخفى بعد هذا الوجه.

وقرأ أنس (وحططنا) (وحللنا) مكان «وضعنا» وقرأ ابن مسعود (وحللنا عنك وقرك).