التفاسير

< >
عرض

إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ
٨
فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ
٩
-الهمزة

التحرير والتنوير

هذه جملة يجوز أن تكون صفة ثالثة لــــ { { نار اللَّه } [الهمزة: 6] بدون عاطف، ويجوز أن تكون مستأنفة استئنافاً ابتدائياً وتأكيدها بــــ (إنّ) لتهويل الوعيد بما ينفي عنه احتمالَ المجاز أو المبالغة.

وموصدة: اسم مفعول من أوصد الباب، إذا أغلقه غلقاً مطبقاً. ويقال: آاصد بهمزتين إحداهما أصلية والأخرى همزة التعدية، ويقال: أصَدَ الباب فعلاً ثلاثياً، ولا يقال: وصَد بالواو بمعنى أغلق.

وقرأ الجمهور: { موصدة } بواو بعد الميم على تخفيف الهمزة، وقرأه أبو عمرو وحمزة وحفص عن عاصم ويعقوب وخلف بهمزة ساكنة بعد الميم المضمومة.

ومعنى إيصادها عليهم: ملازمة العذاب واليأسُ من الإِفلات منه كحال المساجين الذين أغلق عليهم باب السجن تمثيلَ تقريب لشدة العذاب بما هو متعارف في أحوال الناس، وحالُ عذاب جهنم أشد مما يبلغه تصور العقول المعتاد.

وقوله: { في عمد مُمَدّدة } حال: إما من ضمير { عليهم } أي في حال كونهم في عَمَد، أي موثوقين في عمد كما يوثق المسجون المغلظ عليه من رجليه في فَلْقَة ذاتِ ثَقب يدخل في رجله أو في عنقه كالقرام. وإمّا حال من ضمير { إنها }، أي أن النار الموقدة في عمد، أي متوسطة عَمداً كما تكون نار الشواء إذ توضع عَمَد وتجعل النار تحتها تمثيلاً لأهلها بالشواء.

و{ عَمَد } قرأه الجمهور بفتحتين على أنه اسم جمع عمود مثل: أديم وأدم. وقرأه حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وخلف «عُمُد» بضمتين وهو جمع عمود، والعمود: خشبة غليظة مستطيلة.

والممدَّدة: المجعولة طويلة جدّاً، وهو اسم مفعول من مدده، إذا بالغ في مده، أي الزيادة فيه.

وكل هذه الأوصاف تقوية لتمثيل شدة الإِغلاظ عليهم بأقصى ما يبلغه متعارف الناس من الأحوال.