التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ
١١٧
-هود

التحرير والتنوير

عطف على جملة { واتّبع الذين ظلموا ما أتفرفوا فيه } [هود: 116] لما يؤذنه به مضمون الجملة المعطوف عليها من تعرّض المجرمين لحلول العقاب بهم بناء على وصفهم بالظلم والإجرام، فعقب ذلك بأن نزول العذاب ممّن نزل به منهم لم يكن ظلماً من الله تعالى ولكنهم جرّوا لأنفسهم الهلاك بما أفسدوا في الأرض والله لا يحبّ الفساد.

وصيغة { وما كان ربك ليهلك } تدل على قوة انتفاء الفعل، كما تقدّم عند قوله تعالى: { { ما كان لبشرٍ أن يؤتيه الله الكتاب } الآية في [آل عمران: 79]، وقوله: { قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقّ } في آخر [العقود: 116] فارجع إلى ذينك الموضعين.

والمراد بـ{ القرى } أهلها، على طريقة المجاز المرسل كقوله: { واسأل القرية } [يوسف: 82].

والباء في { بظلم } للملابسة، وهي في محل الحال من { ربّك } أي لمّا يهلك النّاس إهلاكاً متلبساً بظلم.

وجملة { وأهلها مصلحون } حال من { القرى } أي لا يقع إهلاك الله ظالماً لقوم مصلحين.

والمصلحون مقابل المفسدين في قوله قبله: { ينهون عن الفساد في الأرض } [هود: 116] وقوله { { وكانوا مجرمين } [هود: 116]، فالله تعالى لا يُهلك قوماً ظالماً لهم ولكن يُهلك قوماً ظَالمين أنفُسَهُمْ. قال تعالى: { وما كنّا مُهلكي القرى إلاّ وأهلها ظالمون } [القصص: 59].

والمراد: الإهلاك العاجل الحالّ بهم في غير وقت حلول أمثاله دون الإهلاك المكتوب على جميع الأمم وهو فناءُ أمة وقيام أخرى في مدد معلومة حسب سنن معلومة.