التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ
٧٤
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ
٧٥
يَٰإِبْرَٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ
٧٦
-هود

التحرير والتنوير

التعريف في { الرّوع } وفي { البشرى } تعريف العهد الذكري، وهما المذكوران آنفاً، فالرّوع: مرادف الخيفة.

وقوله: { يجادلنا } هو جواب { لمّا } صيغ بصيغة المضارع لاستحضار الحالة العجيبة كقوله: { ويَصنع الفلك } [هود: 38]. والمجادلة: المحاورة. وقد تقدّمت في قوله: { ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم } في سورة [النساء: 107].

وقوله: { في قوم لوط } على تقدير مضاف، أي في عقاب قوم لوط. وهذا من تعليق الحكم باسم الذّات، والمراد حال من أحوالها يعيّنه المقام، كقوله: { حرمْت عليكم الميتة } [المائدة: 3] أي أكلها.

والمجادلة هنا: دعاء ومناجاة سأل بها إبراهيم ـ عليه السّلام ـ ربّه العفو عن قوم لوط خشية إهلاك المؤمنين منهم.

وقد تكون المجادلة مع الملائكة. وعدّيت إلى ضمير الجلالة لأنّ المقصود من جدال الملائكة التعرّض إلى أمر الله بصرف العذاب عن قوم لوط.

والـ{ حليم } الموصوف بالحلم وهو صفة تقتضي الصفح واحتمال الأذى.

والـ{ أوّاه } أصله الذي يكثر التأوُّه، وهو قول: أوّه. وأوّه: اسم فعل نائب مناب أتوجع، وهو هنا كناية عن شدة اهتمامه بهموم الناس.

والـ{ منيب } من أناب إذا رجع، وهو مشتق من النوب وهو النزول. والمراد التّوبة من التقصير، أي محاسب نفسه على ما يَحذر منه.

وحقيقة الإنابة: الرجوع إلى الشيء بعد مفارقته وتركه.

وجملة { يا إبراهيم أعرض عن هذا } مقول محذوف دل عليه المقام وهو من بديع الإيجاز، وهو وحي من الله إلى إبراهيم ـ عليه السّلام ـ، أو جواب الملائكة إبراهيم ـ عليه السّلام ـ. فإذا كان من كلام الله فقوله: { أمر ربك } إظهار في مقام الإضمار لإدخال الرّوع في ضمير السامع.

و{ أمر الله } قضاؤه، أي أمر تكوينه.