فصلت جملة { قالوا } عن التي قبلها لوقوعها موقع المحاورة مع لوط ـ عليه السّلام ـ.
و{ لقد علمت } تأكيد لكونه يعلم. فأكد بتنزيله منزلةَ من ينكر أنه يعلم لأن حالة في عرضه بناته عليهم كحال من لا يعلم خُلقهم، وكذلك التوكيد في { وإنك لتعلَم ما نريد }، وكلا الخبرين مستعمل في لازم فائدة الخبر، أي نحن نعلم أنك قد علمت ما لنا رغبة في بناتك وإنك تعلم مرادنا.
ومثله قوله حكاية عن قوم إبراهيم
{ لقد علمت ما هؤلاء ينطقون } [الأنبياء: 65]. و{ ما } الأولى نافية معلّقة لفعل العلم عن العمل، و{ ما } الثانية موصولة.
والحق: ما يحقّ، أي يجب لأحد أو عليه، فيقال: له حق في كذا، إذا كان مستحقاً له، ويقال: ما له حق في كذا، بمعنى لا يستحقه، فالظاهر أنه أطلق هنا كنايةً عن عدم التعلّق بالشيء وعن التجافي عنه. وهو إطلاق لم أر مثله، وقد تحيّر المفسرون في تقريره. والمعنى: ما لنا في بناتك رغبة.
وجوابه بِـ { لَوْ أنّ لي بكم قوة } جواب يائس من ارعوائهم.
و{ لو } مستعملة في التمنّي، وهذا أقصى ما أمكنه في تغيير هذا المنكر.
والباء في { بكم } للاستعلاء، أي عليكم. يقال: ما لي به قوة وما لي به طاقة. ومنه قوله تعالى:
{ قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت } [البقرة: 249]. ويقولون: مَا لي بهذا الأمر يَدان، أي قدرة أو حيلة عليه.
والمعنى: ليت لي قوة أدفعكم بها، ويريد بذلك قوة أنصار لأنّه كان غريباً بينهم.
ومعنى { أو آوى إلى ركن شديد } أو أعتصم بما فيه مَنعة، أي بمكان أو ذي سلطان يمنعني منكم.
والركن: الشق من الجبل المتّصل بالأرض.