التفاسير

< >
عرض

يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ
٩٨
وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ
٩٩
-هود

التحرير والتنوير

جملة { يقدم قومَه } يجوز أن تكون في موضع الحال من { فرعون } [هود: 97] المذكور في الجملة قبلها. ويجوز أن تكون استئنافاً بيانياً.

والإيراد: جعل الشيء وارداً، أي قاصداً الماء، والذي يوردهم هو الفارط، ويقال له: الفَرَط.

والوِرد ـ بكسر الواو ـ: الماء المورود، وهو فِعْل بمعنى مَفعول، مثل دبْح. وفي قوله: { فأوردهم النار وبئس الورد المورود } استعارة الإيراد إلى التقدّم بالناس إلى العذاب، وهي تهكمّية لأن الإيراد يكون لأجل الانتفاع بالسقي وأمّا التقدّم بقومه إلى النار فهو ضد ذلك.

و{ يقدُم } مضارع قدَم ـ بفتح الدّال ـ بمعنى تقدّم المتعدي إذا كان متقدّماً غيره.

وإنما جاء { فأوردهم } بصيغة الماضي للتّنْبِيه على تحقيق وقوع ذلك الإيراد وإلاّ فقرينة قوله: { يوم القيامة } تدلّ على أنّه لم يقع في الماضي:

وجملة { وبئس الورد المورود } في موضع الحال والضمير المخصوص بالمدح المحذوف هو الرابط وهو تجريد للاستعارة، كقوله تعالى: { بئس الشراب } [الكهف: 29]، لأن الورد المشبه به لا يكون مذموماً.

والإتْبَاع: الإلحاق.

واللعنة: هي لعنة العذاب في الدّنيا وفي الآخرة.

و{ يوم القيامة } متعلق بـ{ أتبعوا }، فعلم أنّهم أتبعوا لعنة يوم القيامة، لأنّ اللّعنة الأولى قيّدت بالمجرور بحرف { في } الظرفية، فتعيّن أنّ الإتباع في يوم القيامة بلعنة أخرى.

وجملة { بئس الرفد المرفود } مستأنفة لإنشاء ذمّ اللّعنة. والمخصوص بالذمّ محذوف دل عليه ذكر اللّعنة، أي بئس الرفد هي.

والرفد ـ بكسر الرّاء ـ اسم على وزن فِعل بمعنى مفعول مثل ذبح، أي ما يرفد به. أي يُعطى. يقال: رفده إذا أعطاه ما يعينه به من مال ونحوه.

وفي حذف المخصوص بالمدح إيجاز ليكون الذمّ متوجّهاً لإحدى اللّعنتين لا على التعيين لأنّ كلتيهما بَئيس.

وإطلاق الرّفد على اللّعنة استعارة تهكّمية، كقول عمرو بن معد يكرب:

تحية بينهم ضرب وجيع

والمرفود: حقيقته المعطَى شيئاً. ووصف الرفد بالمرفود لأنّ كلتا اللّعنتين معْضودة بالأخرى، فشبّهت كل واحدة بمَن أعطي عطاء فهي مرفودة. وإنما أجري المرفود على التذكير باعتبار أنّه أطلق عليه رفد.