التفاسير

< >
عرض

قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ
٥٧
قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ
٥٨
إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ
٥٩
إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَآ إِنَّهَا لَمِنَ ٱلْغَابِرِينَ
٦٠
-الحجر

التحرير والتنوير

حكاية هذا الحوار بين إبراهيم والملائكة ــــ عليهم السلام ــــ لأنه يجمع بين بيان فضل إبراهيم ــــ عليه السلام ــــ وبين موعظة قريش بما حل ببعض الأمم المكذبين، انتقل إبراهيم ــــ عليه السلام ــــ إلى سؤالهم عن سبب نزولهم إلى الأرض، لأنه يعلم أن الملائكة لا ينزلون إلا لأمر عظيم كما قال تعالى: { { ما ننزل الملائكة إلا بالحقّ } [سورة الحجر: 8]. وقد نزل الملائكة يوم بدر لاستئصال سادة المشركين ورؤسائهم.

والخطب تقدم في قوله تعالى { قال ما خطبكنّ } في [سورة يوسف: 51].

والقوم المجرمون هم قوم لوط أهل سدوم وقُراها. وتقدم ذكرهم في سورة هود.

والاستثناء في { إلا آل لوط } منقطع لأنهم غير مجرمين. واستثناء { إلا امرأته } متصل لأنها من آل لوط.

وجملة { إنا لمنجوهم أجمعين } استئناف بياني لبيان الإجمال الذي في استثناء آل لوط من متعلق فعل { أرسلنا } لدفع احتمال أنهم لم يرسلوا إليهم ولا أمروا بإنجائهم.

وفي قوله: { أرسلنا إلى قوم مجرمين } إيجاز حذف. وتقدير الكلام: إنا أرسلنا إلى لوط لأجل قوم مجرمين، أي لعذابهم. ودل على ذلك الاستثناء في { إلا آل لوط }.

وقرأ الجمهور { لمنجوهم } ــــ بفتح النون وتشديد الجيم ــــ مضارع نجّى المضاعف. وقرأه حمزة والكسائي وخلف ــــ بسكون النون وتخفيف الجيم ــــ مضارع أنجى المهموز.

وإسناد التقدير إلى ضمير الملائكة لأنهم مُزمعون على سببه. وهو ما وكلوا به من تحذير لوط ــــ عليه السلام ــــ وآله من الالتفات إلى العذاب، وتَرْكِهم تحذير امرأته حتى التفتت فَحل بها ما حل بقوم لوط.

وقرأ الجمهور { قدرنا } ــــ بتشديد الدال ــــ من التقدير. وقرأه أبو بكر عن عاصم ــــ بتخفيف الدال ــــ من قدَر المجرد وهما لغتان.

وجملة { إنها لمن الغابرين } مستأنفة. و (إن) معلقة لفعل { قدرنا } عن العمل في مفعوله. وأصل الكلام قدرنا غُبُورها، أي ذهابها وهلاكها.

والتعليق يطرأ على الأفعال كلها وإنما يكثر في أفعال القلوب ويقلّ في غيرها. وليس من خصائصها على التحقيق.

وتقدم ذكر الغابرين في سورة الأعراف.