التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
٣٢
-النحل

التحرير والتنوير

مقابل قوله في أضدادهم { الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم }، فما قيل في مقابله يقال فيه.

وقرأ الجمهور { تتوفاهم } بفوقيّتين، مثل نظيره. وقرأه حمزة وخلَف بتحتية أولى كذلك.

والطيّب: بزنة فَيْعل، مثل قَيم وميّت، وهو مبالغة في الاتّصاف بالطيب وهو حسن الرائحة. ويطلق على محاسن الأخلاق وكمال النّفس على وجه المجاز المشهور فتوصف به المحسوسات كقوله تعالى: { { حلالاً طيباً } [سورة البقرة: 168] والمعاني والنفسيات كقوله تعالى: { سلام عليكم طبتم } [سورة الزمر: 73]. وقولهم: طبت نفساً. ومنه قوله تعالى: { { والبلد الطيّب يخرج نباته بإذن ربه } [سورة الأعراف: 58]. وفي الحديث "إنّ الله طيّب لا يقبل إلاّ طيّباً" أي مَالاً طيباً حلالاً. فقوله تعالى هنا { طيبين } يجمع كل هذه المعاني، أي تتوفّاهم الملائكة منزّهين من الشرك مطمئنيّ النفوس. وهذا مقابل قوله في أضدادهم { { الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } [سورة النحل: 28].

وجملة { يقولون سلام عليكم } حال من { الملائكة } وهي حال مقارنة لــــ{ تتوفاهم }، أي يتوفّونهم مسلّمين عليهم، وهو سلام تأنيس وإكرام حين مجيئهم ليتوفّوهم، لأن فعل { تتوفاهم } يبتدىء من وقت حلول الملائكة إلى أن تنتزع الأرواح وهي حصّة قصيرة.

وقولهم: { ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون } هو مقابل قولهم لأضدادهم { { إن الله عليم بما كنتم تعملون فادخلوا أبواب جهنم } [سورة النحل: 28، 29]. والقول في الأمر بالدخول للجنّة حين التوفّي كالقول في ضدّه المتقدم آنفاً. وهو هنا نعيم المكاشفة.