التفاسير

< >
عرض

إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً
٣٠
-الإسراء

التحرير والتنوير

موقع هذه الجملة موقع اعتراض بالتعليل لما تقدم من الأمر بإيتاء ذي القربى والمساكين، والنهي عن التبذير، وعن الإمساك المفيد الأمرَ بالقصد، بأن هذا واجب الناس في أموالهم وواجبهم نحو قرابتهم وضعفاء عشائرهم، فعليهم أن يمتثلوا ما أمرهم الله من ذلك. وليس الشح بمبق مال الشحيح لنفسه، ولا التبذير بمغنٍ من يبذر فيهم المال فإن الله قدر لكل نفس رزقها.

فيجوز أن يكون الكلام جارياً على سنن الخطاب السابق لغير معين. ويجوز أن يكون قد حُول الكلام إلى خطاب النبي صلى الله عليه وسلم فَوُجّه بالخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه الأولى بعلم هذه الحقائق العالية، وإن كانت أمته مقصودة بالخطاب تبعاً له، فتكون هذه الوصايا مخللة بالإقبال على خطاب النبي صلى الله عليه وسلم.

{ ويقدر } ضد { يبسط }. وقد تقدم عند قوله تعالى: { الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } في سورة [الرعد: 26].

وجملة { إنه كان بعباده خبيرا بصيرا } تعليل لجملة { إن ربك يبسط الرزق } إلى آخرها، أي هو يفعل ذلك لأنه عليم بأحوال عباده وما يليق بكل منهم بحسب ما جبلت عليه نفوسهم، وما يحف بهم من أحوال النظم العالمية التي اقتضتها الحكمة الإلهية المودعة في هذا العالم.

والخبير: العالم بالأخبار. والبصير: العالم بالمبصرات. وهذان الاسمان الجليلان يرجعان إلى معنى بعض تعلق العلم الإلهي.