هذه معجزة أخرى عَلمه الله إياها حتى إذا تحدّى فرعون وقومه عمل مثل ذلك أمام السحرة. فهذا تمرين على معجزة ثانية مُتّحِد الغرض مع إلقاء العصا.
والجناح: العضد وما تحته إلى الإبط. أطلق عليه ذلك تشبيهاً بجناح الطائر.
والضمّ: الإلصاق، أي ألصق يدك اليمنى التي كنت ممسكاً بها العصا. وكيفية إلصاقها بجناحه أن تباشر جِلدَ جناحه بأن يدخلها في جَيْب قميصه حتى تماس بَشرة جنبه، كما في آية سورة سليمان:
{ { وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء } [النّمل: 12]. جعل الله تغيّر لون جلد يده مماستها جناحه تشريفاً لأكثر ما يناسب من أجزاء جسمه بالفعل والانفعال.و{ بيضَاءَ } حال من ضمير { تَخْرُجُ }، و{ مِنْ غيرِ سُوءٍ } حال من ضمير { بَيْضَاء }.
ومعنى { مِنْ غير سُوءٍ } من غير مَرض مثل البَرص والبَهق بأن تصير بيضاء ثم تعود إلى لونها المماثل لونَ بقية بشرته. وانتصب { آيةً } على الحال من ضمير { تَخْرُجُ }.
والتعليل في قوله { لِنُريكَ مِن ءَايٰتِنَا الكُبْرى } راجع إلى قوله { تَخْرُجُ بَيْضَاءَ }، فاللام متعلّقة بــــ{ تَخْرُجُ } لأنّه في معنى نجعلها بيضاء فتخرج بيضاء أو نخرجها لك بيضاء. وهذا التعليل راجع إلى تكرير الآية، أي كررنا الآيات لنريك بعض آياتنا فتعلم قدرتنا على غيرها، ويجوز أن يتعلق { لِنُرِيكَ } بمحذوف دلّ عليه قوله { ألقها } وما تفرّع عليه. وقوله { واضْمُمْ يَدَكَ إلى جَنَاحِكَ } وما بعده، وتقدير المحذوف: فعلنا ذلك لنريك من آياتنا.
و{ مِن ءَايٰتِنَا } في موضع المفعول الثاني لــــ{ نريك }، فتكون (مِن) فيه اسماً بمعنى بعض على رأي التفتزاني. وتقدّم عند قوله تعالى:
{ { ومن الناس من يقول آمنا بالله } في سورة البقرة (8)، ويشير إليه كلام الكشاف هنا.و{ الكبرى } صفة لــــ{ ءَايٰتِنَا }. والكِبر: مستعار لقوّة الماهية. أي آياتنا القوية الدلالة على قدرتنا أو على أنا أرسلناك.