جيء لهم باسم الإشارة بعد أن أجريت عليهم الصفات المتقدمة ليفيد اسمُ الإشارة أن جدارتهم بما سيذكر بعد اسم الإشارة حصلتْ من اتصافهم بتلك الصفات على نحو قوله تعالى:
{ { أولئك على هدى من ربهم } [البقرة: 5] بعد قوله: { { هدًى للمتقين } إلى آخره في سورة البقرة (2). والمعنى: أولئك هم الأحقاء بأن يكونوا الوارثين بذلك. وتوسيط ضمير الفصل لتقوية الخبر عنهم بذلك، وحذف معمول { الوارثون } ليحصل إبهام وإجمال فيترقب السامع بيانه فبين بقوله: { الذين يرثون الفردوس } قصداً لتفخيم هذه الوراثة، والإتيان في البيان باسم الموصول الذي شأنه أن يكون معلوماً للسامع بمضمون صلته إشارة إلى أن تعريف { الوارثون } تعريف العهد كأنه قيل: هم أصحاب هذا الوصف المعروفون به.
واستعيرت الوراثة للاستحقاق الثابت لأن الإرث أقوى الأسباب لاستحقاق المال، قال تعالى:
{ { وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } [الزخرف: 72]. والفردوس: اسم من أسماء الجنَّة في مصطلح القرآن، أو من أسماء أشرف جهات الجنات، وأصل الفردوس: البستان الواسع الجامع لأصناف الثمر. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم حارثة بن سُراقة لمّا أصابه سهم غرب يوم بدر فقتله، وقالت أمّه: إن كان في الجنَّة أصبِرْ وأحتسِبْ فقال لها:
"ويْحَكِ أهَبِلْتِ أوَ جَنَّةٌ واحدَةٌ هي، إنَّها لجِنان كثيرة وإنه لفي الفردوس" . وقد ورد في فضل هذه الآيات حديث عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أُنْزل عليّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ { قد أفلح المؤمنون } [المؤمنون: 1] حتى ختم عشر آيات" ). قال ابن العربي في «العارضة»: قوله: { الذين يرثون الفردوس } هي العاشرة، رواه الترمذي وصححه.