التفاسير

< >
عرض

أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ
١٠
ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
١١
-المؤمنون

التحرير والتنوير

جيء لهم باسم الإشارة بعد أن أجريت عليهم الصفات المتقدمة ليفيد اسمُ الإشارة أن جدارتهم بما سيذكر بعد اسم الإشارة حصلتْ من اتصافهم بتلك الصفات على نحو قوله تعالى: { { أولئك على هدى من ربهم } [البقرة: 5] بعد قوله: { { هدًى للمتقين } إلى آخره في سورة البقرة (2). والمعنى: أولئك هم الأحقاء بأن يكونوا الوارثين بذلك.

وتوسيط ضمير الفصل لتقوية الخبر عنهم بذلك، وحذف معمول { الوارثون } ليحصل إبهام وإجمال فيترقب السامع بيانه فبين بقوله: { الذين يرثون الفردوس } قصداً لتفخيم هذه الوراثة، والإتيان في البيان باسم الموصول الذي شأنه أن يكون معلوماً للسامع بمضمون صلته إشارة إلى أن تعريف { الوارثون } تعريف العهد كأنه قيل: هم أصحاب هذا الوصف المعروفون به.

واستعيرت الوراثة للاستحقاق الثابت لأن الإرث أقوى الأسباب لاستحقاق المال، قال تعالى: { { وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } [الزخرف: 72].

والفردوس: اسم من أسماء الجنَّة في مصطلح القرآن، أو من أسماء أشرف جهات الجنات، وأصل الفردوس: البستان الواسع الجامع لأصناف الثمر. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم حارثة بن سُراقة لمّا أصابه سهم غرب يوم بدر فقتله، وقالت أمّه: إن كان في الجنَّة أصبِرْ وأحتسِبْ فقال لها: "ويْحَكِ أهَبِلْتِ أوَ جَنَّةٌ واحدَةٌ هي، إنَّها لجِنان كثيرة وإنه لفي الفردوس" .

وقد ورد في فضل هذه الآيات حديث عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أُنْزل عليّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ { قد أفلح المؤمنون } [المؤمنون: 1] حتى ختم عشر آيات" ). قال ابن العربي في «العارضة»: قوله: { الذين يرثون الفردوس } هي العاشرة، رواه الترمذي وصححه.