التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيِّتُونَ
١٥
ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ
١٦
-المؤمنون

التحرير والتنوير

إدماج في أثناء تعداد الدلائل على تفرد الله بالخلق على اختلاف أصناف المخلوقات لقصد إبطال الشرك. و{ ثم } للترتيب الرتبي لأن أهميَّة التذكير بالموت في هذا المقام أقوى من أهميَّة ذكر الخَلق لأن الإخبار عن موتهم توطئة للجملة بعده وهي قوله { ثم إنكم يوم القيامة تبعثون } وهو المقصود. فهو كقوله: { { الذي خلق الموت والحياة ليبلُوكم أيكم أحسن عملاً } [الملك: 2]. وهذه الجملة لها حكم الجملة الابتدائية وهي معترضة بين التي قبلها وبين جملة: { { ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق } [المؤمنون: 17]. ولكون { ثم } لم تفد مهلة في الزمان هنا صرح بالمهلة في قوله بعد ذلك. والإشارة إلى الخلق المبين آنفاً، أي بعد ذلك التكوين العجيب والنماء المُحكم أنتم صائرون إلى الموت الذي هو تعطيل أثر ذلك الإنشاء ثم مصيرهُ إلى الفساد والاضمحلال. وأكد هذا الخبر بــــ(إن) واللام مع كونهم لا يرتابون فيه لأنهم لما أعرضوا عن التدبر فيما بعد هذه الحياة كانوا بمنزلة من ينكرون أنهم يموتون.

وتوكيد خبر { ثم إنكم يوم القيامة تبعثون } لأنهم ينكرون البعث. ويكون ما ذكر قبله من الخلق الأول دليلاً على إمكان الخلق الثاني كما قال تعالى: { { أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خَلق جديد } [ق: 15]، فلم يحتج إلى تقوية التأكيد بأكثر من حرف التأكيد وإن كان إنكارهم البعث قوياً.

ونقل الكلام من الغيبة إلى الخطاب على طريقة الالتفات، ونكتته هنا أن المقصود التذكير بالموت وما بعده على وجه التعريض بالتخويف وإنما يناسبه الخطاب.