التفاسير

< >
عرض

قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
٨٨
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ
٨٩
-المؤمنون

التحرير والتنوير

قد عرفت آنفاً نكتة تكرير القول.

والملكوت: مبالغة في الملك بضم الميم. فالملكوت: الملك المقترن بالتصرف في مختلف الأنواع والعوالم لذلك جاء بعده { كل شيء }.

واليد: القدرة. ومعنى { يجير } يغيث ويمنع من يشاء من الأذى. ومصدره الإجارة فيفيد معنى الغلبة، وإذا عدي بحرف الاستعلاء أفاد أن المجرور مغلوب على أن لا ينال المجارَ بأذى فمعنى { لا يجار عليه } لا يستطيع أحد أن يمنع أحداً من عقابه. فيفيد معنى العزة التامة.

وبني فعل { يجار عليه } للمجهول لقصد انتفاء الفعل عن كل فاعل فيفيد العموم مع الاختصار.

ولما كان تصرف الله هذا خفياً يحتاج إلى تدبر العقل لإدراكه عُقب الاستفهام بقوله: { إن كنتم تعلمون } كما عقب الاستفهام الأول بمثله حثاً لهم على علمه والاهتداء إليه.

ثم عقب بما يدل على أنهم إذا تدبروا علموا فقيل { سيقولون لله }.

وقرأ الجمهور { سيقولون لله } بلام الجر داخلة على اسم الجلالة مثل سالفه. وقرأه أبو عمرو ويعقوب بدون لام وقد علمت ذلك في نظيره السابق.

(وأنَّى) يجوز أن تكون بمعنى (من أين) كما تقدم في سورة آل عمران (37) { { قال يا مريم أنى لك هذا } والاستفهام تعجيبي. والسحر مستعار لترويج الباطل بجامع تخيل ما ليس بواقع واقعاً. والمعنى: فمن أين اختل شعوركم فراج عليكم الباطل. فالمراد بالسحر ترويج أيمة الكفر عليهم الباطل حتى جعلوهم كالمسحورين.