التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ
٦٧
-العنكبوت

التحرير والتنوير

هذا تذكير خاص لأهل مكة وإنما خُصُّوا من بين المشركين من العرب لأن أهل مكة قدوة لجميع القبائل؛ ألا ترى أن أكثر قبائل العرب كانوا ينتظرون ماذا يكون من أهل مكة فلما أسلم أهل مكة يومَ الفتح أقبلت وفود القبائل معلنة إسلامهم.
والجملة معطوفة على جملة
{ فإِذَا رَكبوا فِي الفُلك دَعُوا الله } [العنكبوت: 65] باعتبار ما اشتملت عليه تلك الجملة من تقريعهم على كفران نعم الله تعالى، ولذلك عقبت هذه الجملة بقولة { وبنعمة الله يكفرون }
والاستفهام إنكاري، وجعلت نعمة أمن بلدهم كالشيء المشاهد فأنكر عليهم عدم رؤيته، فقوله { أنا جعلنا حرماً آمناً } مفعول { يَرُوا }
ومعنى هذه الآية يعلم مما تقدم عند الكلام على قوله تعالى:
{ وَقَالُوا إنْ نَتَّبِعْ الهُدَى معَكَ نُتخَطَّفْ من أرْضِنَا أوَ لَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حرَماً آمِناً } في سورة [القصص:57]، وقد كان أهل مكة في بحبوحة من الأمن وكان غيرهم من القبائل حول مكة وما بعدُ منها يغزو بعضهم بعضاً ويتغاورون ويتناهبون، وأهل مكة آمنون لا يعدو عليهم أحد مع قتلهم، فذكرهم الله هذه النعمة عليهم.
والباطل: هو الشرك كما تقدم عند قوله تعالى
{ والذين آمنوا بالباطل } في هذه السورة العنكبوت (52). و (نِعْمَةَ الله) المراد بها الجنس الذي منه إنجاؤهم من الغرق وما عداه من النِعم المحسوسة المعروفة، ومن النِعم الخفية التي لو تأملوا لأدركوا عظمها، ومنها نعمة الرسالة المحمدية. والمضارع في المواضع الثلاثة دال على تجدّد الفعل.