التفاسير

< >
عرض

إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ
٩٦
فِيهِ ءَايَٰتٌ بَيِّنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبْرَٰهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَٰلَمِينَ
٩٧
-آل عمران

التحرير والتنوير

هذا الكلام واقع موقع التّعليل للأمر في قوله: { فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً } [آل عمران: 95] لأنّ هذا البيت المنوّه بشأنه كان مقاماً لإبراهيم ففضائل هذا البيتِ تحقّق فضيلة شرع بانيه في متعارف النَّاس، فهذا الاستدلال خطابي، وهو أيضاً إخبار بفضيلة الكعبة، وحرمتها ـــ فيما مضى من الزّمان ـــ.

وقد آذن بكون الكلام تعليلاً موقع (إنّ) في أوّله فإنّ التأكيد بإنّ هنا لمجرّد الاهتمام وليس لردّ إنكار منكر، أو شكّ شاكّ.

ومن خصائص (إنّ) إذا وردت في الكلام لمجرّد الاهتمام، أن تغني غَناء فاء التفريع وتفيد التَّعليل والربط، كما في دلائل الإعجاز.

ولِمَا في هذه من إفادة الربط استغني عن العطف لكون (إنّ) مؤذنة بالربط. وبيانُ وجه التعليل أن هذا البيت لمّا كان أوّل بيت وضع للهُدى وإعلان توحيد الله ليكون علماً مشهوداً بالحسّ على معنى الوحدانية ونفي الإشراك، فقد كان جامعاً لدلائل الحنيفية، فإذا ثبت له شرف الأولية ودوام الحرمة على ممرّ العصور، دون غيره من الهياكل الدينية الَّتي نشأت بعده، وهو مائل، كان ذلك دلالة إلهية على أنَّه بمحلّ العناية من الله تعالى، فدلّ على أنّ الدّين الَّذي قارن إقامته هو الدّين المراد لله، وهذا يؤول إلى معنى قوله: { إن الدين عند اللَّه الإسلام } [آل عمران: 19].

وهذا التَّعليل خطابي جار على طريقة اللُّزوم العرفي.

وقال الواحدي، عن مجاهد: تفاخر المسلمون واليهود، فقالت اليهود: بيت المَقْدس أفضل وأعظم من الكعبة لأنَّه مُهَاجر الأنبياء وفي الأرض المقدّسة وقال المسلمون: بل الكعبة أفضل، فأنزل الله هذه الآية.

و{ أوَّل } اسم للسابق في فِعلٍ مَّا فإذا أضيف إلى اسم جنس فهو السابق من جنس ذلك المضاف إليه في الشأن المتحدّث عنه.

والبيت بناء يأوِي واحداً أو جماعة، فيكون بيتَ سكنى، وبيت صلاة، وبيت ندوة، ويكون مبنياً من حَجَر أو من أثوابِ نسيج شعر أو صوف، ويكون من أدم فيسمّى قبَّة قال تعالى: { وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً } [النحل: 81].

ومعنى { وُضع } أسّسَ وأثْبِتَ، ومنه سمّي المكان موضعاً. وأصل الوضع أنَّه الحطّ ضدّ الرفع، ولمَّا كان الشيء المرفوع بعيداً عن التناول، كان الموضوع هو قريب التناول، فأطلق الوضع لمعنى الإدناء للمتناول، والتَّهيئة للانتفاع.

و(النَّاس) تقدّم في قوله تعالى: { ومن النَّاس من يقول آمنا باللَّه } في سورة[ البقرة: 8].

{ بكّة } اسم مكَّة. وهو لغة ـــ بإبدال الميم باء ـــ في كلمات كثيرة عدّت من المترادف: مثل لازب في لازم، وأربد وأرمد أي في لون الرماد، وفي سماع ابن القاسم من العتبية عن مالك: أنّ بكة بالباء اسم موضع البيت، وأنّ مكَّة بالميم اسم بقية الموضع، فتكون باء الجرّ ـــ هنا ـــ لظرفية مكان البيت خاصّة. لا لسائر البلد الَّذي فيه البيت، والظاهر عندي أنّ بكة اسم بمعنى البلدة وضعه إبراهيم علماً على المكان الَّذي عيّنه لسكنى ولده بنيّة أن يكون بلداً، فيكون أصله من اللغة الكلدانية، لغة إبراهيم، ألا ترى أنَّهم سمّوا مدينة (بعلبك) أي بلد بَعل وهو معبود الكلدانيين، ومن إعجاز القرآن اختيار هذا اللَّفظ عند ذكر كونه أوّل بيت، فلاحظ أيضاً الاسم الأوّل، ويؤيّد ذلك قوله: { { ربّ هذه البلدة } [النمل: 91] وقوله: { ربّ اجعل هذا البلد آمناً } [إبراهيم: 35]. وقد قيل: إنّ بكّة مشتقّ من البَكّ وهو الازدحام، ولا أحسب قصد ذلك لواضع الاسم.

وعدل عن تعريف البيت باسمه العلَم بالغلبة، وهو الكعبة، إلى تعريفه بالموصولية بأنَّه (الَّذي ببكة): لأنّ هذه الصّلة صارت أشهر في تعيّنه عند السامعين، إذ ليس في مكّة يومئذ بيت للعبادة غيره، بخلاف اسم الكعبة: فقد أطلق اسم الكعبة على القليس الَّذي بناه الحبشة في صنعاء لدين النصرانية ولقّبوه الكعبة اليمانية.

والمقصود إثبات سبق الكعبة في الوجود قبل بيوت أخر من نوعها. وظاهر الآية أنّ الكعبة أوّل البيوت المبنيّة في الأرض، فتمسّك بهذا الظَّاهر مجاهد، وقتادة، والسّدي، وجماعة، فقالوا: هي أوّل بناء، وقالوا: إنَّها كانت مبنيّة من عهد آدم ـــ عليه السلام ـــ ثُمّ درست، فجددها إبراهيم، قال ابن عطية: ورويت في هذا أقاصيص أسانيدها ضعاف فلذلك تركتُها، وقد زعموا أنَّها كانت تسمّى الضُراح ـــ بوزن غراب ـــ ولكنّ المحقّقين وجمهور أهل العلم لم يأخذوا بهذا الظاهر، وتأوّلوا الآية. قال عليّ ـــ رضي الله عنه ـــ: «كان قبل البيت بيوت كثيرة» ولا شكّ أنّ الكعبة بناها إبراهيم وقد تعدّد في القرآن ذكر ذلك، ولو كانت من بناء الأنبياء قبله لزيد ذكر ذلك زيادة في التنويه بشأنها، وإذا كان كذلك فلا يجوز أن يكون أوّل بناء وقع في الأرض كان في عهد إبراهيم، لأنّ قبل إبراهيم أمماً وعصوراً كان فيها البناء، وأشهر ذلك برج بابل، بُنِي إثر الطوفان، وما بناه المصريّون قبل عهد إبراهيم، وما بناه الكلدان في بدل إبراهيم قبل رحلته إلى مصر، ومن ذلك بيت أصنامهم، وذلك قبل أن تصير إليه هاجَر الَّتي أهداها له ملك مصر، وقد حكى القرآن عنهم { قالوا ابْنُوا له بنياناً فَألْقُوه في الجحيم } [الثافات: 97] فتعيّن تأويل الآية بوجه ظاهر، وقد سلك العلماء مسالك فيه: وهي راجعة إلى تأويل الأوّل، أو تأويل البيت، أو تأويل فعل وُضع، أو تأويل النَّاس، أو تأويل نظم الآية، والَّذي أراه في التأويل أنّ القرآن كتاب دين وهُدى، فليس غرض الكلام فيه ضبط أوائل التَّاريخ، ولكن أوائل أسباب الهدى، فالأوَّلية في الآية على بابها، والبيت كذلك، والمعنى أنَّه أوّل بيت عبادة حقّة وضع لإعلان التَّوحيد، بقرينة المقام، وبقرينة قوله: { وُضع للنَّاس } المقتضى أنَّه من وضعِ واضعٍ لمصلحة النَّاس، لأنَّه لو كان بيت سكنى لقيل وضعه النَّاس، وبقرينة مجيء الحالين بعدُ؛ وهما قوله: { مباركاً وهدى للعالمين }. وهذا تأويل في معنى بيت، وإذا كان أوّلَ بيتِ عبادة حقَ، كان أوّل معهد للهدى، فكان كُلّ هدى مقتبساً منه فلا محيص لكلّ قوم كانوا على هدى من الاعتراف به وبفضله، وذلك يوجب اتّباع الملّة المبنيّة على أسس ملّة بانيه، وهذا المفاد من تفريع قوله: { فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً } [البقرة: 95]. وتأوّل الآية عليّ بن أبي طالب، فروى عنه أنّ رجلاً سأله: أهو أوّل بيت؟ قال: «لا، قد كان قبله بيوت، ولكنَّه أوّل بيت وضع للنَّاس مباركاً وهدى» فجعل مباركاً وهدى حالين من الضمير في { وُضع } لا من اسمِ الموصول، وهذا تأويل في النظم لا ينساق إليه الذهن إلاّ على معنى أنَّه أوّل بيت من بيوت الهدى كما قلنا، وليس مراده أنّ قوله: { وضع } هو الخبَر لتعيّن أن الخبر هو قوله: { للذي ببكة } بدليل دُخول اللاّم عليه.

وعن مجاهد قالت اليهود: بيت المقدس أفضل من الكعبة لأنَّها مهاجَر الأنبياء، وقال المسلمون: الكعبة، فأنزل الله هذه الآية، وهذا تأويل { أول } بأنَّه الأوّل من شيئين لا من جنس البيوت كلّها.

وقيل: أراد بالأول الأشرف مجازاً.

وعندي أنَّه يجوز أن يكون المراد من النَّاس المعهودين وهم أهل الكتب أعني اليهود والنَّصارى والمسلمين، وكلّهم يعترف بأصالة دين إبراهيم ـــ عليه السلام ـــ، فأوّل معبد بإجماعهم هو الكعبة فيلزمهم الاعتراف بأنَّه أفضل ممَّا سواه من بيوت عبادتهم.

وإنَّما كانت الأوّلية موجِبة التّفضيل لأنّ مواضع العبادة لا تتفاضل من جهة العبادة، إذ هي في ذلك سواء، ولكنَّها تتفاضل بما يحفّ بذلك من طول أزمان التعبّد فيها، وبنسبتها إلى بانيها، وبحسن المقصد في ذلك، وقد قال تعالى في مسجد قُبَاء: { لمَسجِدٌ أسِّسَ على التَّقوَى من أوّل يوم أحقّ أن تقوم فيه } [التوبة: 108].

وقد جمعت الكعبة جميع هذه المزايا فكانت أسبق بيوت العبادة الحقّ، وهي أسبق من بيت المقدس بتسعة قرون. فإنّ إبراهيم بنى الكعبة في حدود سنة 1900 قبل المسيح وسليمانَ بنى بيت المقدس سنة 1000 قبل المسيح، والكعبة بناها إبراهيم بيده فهي مبنية بيد رسول. وأمَّا بيتُ المقدس فبناها العملة لسليمان بأمره. وروى في «صحيح مسلم»، عن أبي ذرّ ـــ رضي الله عنه ـــ أنَّه قال: سألت رسول الله: أيّ مسجد وُضِعَ أولُ؟ قال: المسجدُ الحرام، قلت: ثمّ أيّ؟ قال: المسجدُ الأقصى، قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة. فاستشكله العلماء بأنّ بين إبراهيم وسليمان قروناً فكيف تكون أربعين سنة، وأجاب بعضهم بإمكان أن يكون إبراهيم بنى مسجداً في موضع بيت المقدس ثُمّ درس فجدّده سليمان.

وأقول: لا شكّ أنّ بيت المقدس من بناء سليمان كما هو نص كتاب اليهود، وأشار إليه القرآن في قوله: { يعملون له ما يشاء من محاريب } [سبأ: 13] الآية، فالظاهر أنّ إبراهيم لمَّا مرّ ببلاد الشَّام ووعده الله أن يورث تلك الأرض نسلهُ عيَّن الله له الوضع الَّذي سيكون به أكبر مسجدٍ تبنيه ذرّيّته، فأقام هنالك مسجداً صغيراً شكراً لله تعالى، وجعله على الصّخرة المجعولة مذبحاً للقربان. وهي الصّخرة الَّتي بنى سليمان عليها المسجد، فلمَّا كان أهل ذلك البلد يومئذ مشركين دثر ذلك البناء حتَّى هدى الله سليمان إلى إقامة المسجد الأقصى عليه، وهذا من العِلم الَّذي أهملتْه كتب اليهود، وقد ثبت في سفر التَّكوين أنّ إبراهيم بنى مذابح في جهات مرّ عليها من أرض الكنعانيين لأنّ الله أخبره أنَّه يعطي تلك الأرض لنسله، فالظاهر أنّه بنى أيضاً بموضع مسجد أرشليم مذبحاً.

و{ مباركاً } اسم مفعول من بارك الشيء إذا جعل له بركة وهي زيادة في الخير. أي جُعلت البركة فيه بجعل الله تعالى، إذ قَدّرَ أن يكون داخلُهُ مُثاباً ومحصّلا على خيْر يبلغه على مبلغ نيته، وقدّر لمجاوريه وسكّان بلده أن يكونوا ببركة زيادةِ الثَّوابِ ورفاهية الحال، وأمر بجعل داخله آمناً، وقدّر ذلك بين النَّاس فكان ذلك كلّه بركة. وسيأتي معنى البركة عند قوله تعالى: { وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الَّذي بين يديه } في سورة [الأنعام:92 ].

ووصفه بالمصدر في قوله: { وهُدى } مبالغة لأنَّه سبب هدى.

وجُعل هدى للعالمين كلِّهم: لأنّ شهرته وتسامع النَّاس به، يحملهم على التساؤل عن سبب وضعه، وأنَّه لتوحيد الله، وتطهير النُّفوس من خبث الشرك فيهتدي بذلك المهتدي، ويرعوي المتشكك.

ومن بركة ذاته أنّ حجارته وضعتْها عند بنائه يد إبراهيم، ويد إسماعيل، ثُمّ يدُ محمَّد صلى الله عليه وسلم ولا سيما الحجر الأسود. وانتصب { مباركاً وهدى } على الحال من الخبر، وهو اسم الموصول.

وجملة { فيه آيات بيِّنات } استئناف ثناء على هذا البيت بما حفّ به من المناقب والمزايا فغيّر الأسلوب للاهتمام ولذلك لم تجعل الجملة حالاً، فتعطف على الحالين قبلها، لأنّ مباركاً وهدى وصفان ذاتيّان له، وحالان مقارنان، والآيات عوارض عرضت في أوقات متفاوتة، أو هي حال ثالثة ولم تعطف بالواو لأنّها جملة وما قبلها مفردان ولئلاّ يتوهم أن الواو فيها واو الحال، فتكون في صورتها جارية على غير صورة الأفصح في مثلها من عدم الاقتران بالواو، على ما حقَّقه الشَّيخ عبد القاهر، فلو قرنت بواو العطف لالتبست بواو الحال، فكرهت في السمع، فيكون هذا من القطع لدفع اللبس، أو نقول هي حال ولم تعطف على الأحوال الأخرى لأنّها جملة، فاستغنت بالضّمير عن رابط العطف.

ووصف الآيات ببيِّناتٍ لظهورها في علم المخاطبين. وجماع هذه الآيات هي ما يسّره الله لسكّان الحرم وزائريه من طرق الخير، وما دفع عنهم من الأضرار، على حالة اتّفق عليها سائر العرب، وقمعوا بها أنفسهم وشهواتهم، مع تكالبهم على إرضاء نفوسهم. وأعظمها الأمن، الّذي وطن عليه نفوس جميع العرب في الجاهلية مع عدم تديّنهم، فكان الرجل يلاقي قاتل أبيه في الحرم فلا يناله بسوء، وتَواضُعُ مثل هذا بين مختلف القبائل، ذات اختلاف الأنساب والعوائد والأديان، آية على أنّ الله تعالى وقَر ذلك في نفوسهم. وكذلك تأمين وحْشِه مع افتتان العرب بحبّ الصّيد. ومنها ما شاع بين العرب من قصم كلّ من رامه بسوء، وما انصرافُ الأحباش عنه بعد امتلاكهم جميع اليمن وتهامة إلا آية من آيات الله فيه. ومنها انبثاق الماء فيه لإسماعيل حين إشرافه على الهلاك. وافتداء الله تعالى إيّاه بذبح عظيم حين أراد أبوه إبراهيم ـــ عليْه السّلام ـــ قربانه. ومنها ما شاع بين العرب وتوارثوا خبره أباً عن جدّ من نزول الحجر الأسود من السَّماء على أبي قبيس بمرأى إبراهيم، ولعلَّه حجر كوكبي. ومنها تيسير الرزق لساكنيه مع قُحولة أرضه، وملوحة مائه.

وقوله: { مقام إبراهيم } أصل المقام أنّه مَفْعَل من القيام، والقيام يطلق على المعنى الشَّائع وهو ضدّ القعُود، ويطلق على خصوص القيام للصّلاة والدعاء، فعلى الوجه الثَّاني فرفع مقام على أنّه خبر لضمير محذوف يعود على { للذى ببكّة }، أي هو مقام إبراهيم، أي البيتُ الَّذى ببكّة. وحذْفُ المسند إليه هنا جاء على الحذف الَّذي سمَّاه علماء المعاني، التَّابعين لاصطلاح السكاكي، بالحذف للاستعمال الجاري على تركه، وذلك في الرفع على المدح، أو الذم، أو الترحّم، بعد أن يجري على المسند إليه من الأوصاف قبل ذلك ما يبيّن المراد منه كقول أبي الطمحان القيني:

فإنّ بني لأمِ بن عمرو أرومةسَمَتْ فوق صعب لا تُنالُ مراقبه
نجوم سماءٍ كلّما انْقَضَّ كوكبٌبَدَا كوكب تأْوِي إليه كواكبه

هذا هو الوجه في موقع قوله تعالى: { مقام إبراهيم }.

وقد عبّر عن المسجد الحرام بأنّه مقام إبراهيم أي محلّ قيامه للصلاة والطواف قال تعالى: { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } [البقرة: 125] ويدل لذلك قول زيد بن عَمرو بن نُفَيل:

عُذْتُ بما عاذَ به إبْرَاهِمْمستقبلَ الكَعْبَةِ وهو قائم

وعلى الوجه الأول يكون المراد الحجر الَّذى فيه أثر قَدَمي إبراهيم - عليه السّلام - في الصّخرة التي ارتقى عليها ليرفع جدران الكعبة، وبذلك فسر الزجّاج وتبعه على ذلك الزمخشري، وأجاب الزمخشري عمَّا يعترض به من لزوم تبيين الجمع بالمفرد بأنّ هذا المفرد في قوّة جماعة من الآيات لأنّ أثر القدم في الصّخرة آية، وغوصَه فيها إلى الكعبين آية وإلانة بعض الصّخر دون بعض آية، وأنا أقول: إنَّه آيات لدلالته على نبوّة إبراهيم بمعجزة له وعلى علمِ الله وقدرته، وإنّ بقاء ذلك الأثر مع تلاشي آثار كثيرة في طيلة القرون آية أيضاً.

وقوله: { ومن دخله كان آمناً } عطف على مَزايا البيت وفضائله من الأمن فيه على العموم، وامتنان بما تقرّر في ماضِي العصور، فهو خبر لفظاً مستعمل في الامتنان، فإنّ الأمن فيه قد تقرّر واطّرد، وهذا الامتنان كما امتنّ الله على النَّاس بأنَّه خلق لهم أسماعاً وأبصَاراً فإنّ ذلك لا ينقض بمن ولد أكمه أو عرض له ما أزال بعض ذلك.

قال ابن العربي: هذا خبر عمّا كان وليس فيه إثبات حكم وإنّما هو تنبيه على آيات ونعم متعددات؛ أنّ الله سبحانه قد كان صرف القلوب عن القصد إلى معارضته، وصرف الأيدي عن إذايتِه. وروي هذا عن الحسن. وإذا كان ذلك خبراً فهو خبر عمّا مضى قبل مجيء شريعة الإسلام حين لم يكن لهم في الجاهلية وازع فلا ينتقض بما وقع فيه من اختلال الأمن في القتال بين الحَجَّاج وابن الزبير وفي فتنة القرامطة. وقد ذكرنا ذلك في تفسير قوله تعالى: { وأخر متشابهات } - أوّل هذه السورة -. [آل عمران: 7].

ومن العلماء من حمل قوله تعالى: { ومن دخله كان آمناً } أنَّه خبر مستعمل في الأمر بتأمين داخله من أن يُصاب بأذى، وروي عن ابن عبَّاس، وابن عمر، وسعيد بن جبير، وعطاء، وطاوس، والشعبي.

وقد اختلف الصائرون إلى هذا المعنى في محمل العمل بهذا الأمر؛ فقال جماعة: هذا حكمٌ نُسخ يعنون نسختْه الأدلّة الَّتي دلّت على أنّ الحرم لا يُعيذ عاصياً. روى البخاري، عن أبي شُريح الكعبي، أنَّه قال لعَمْرِو بن سعيد وهو يبعث البُعوث إلى مكّة ـــ أي لحرب ابن الزبير ـــ: ائذن لى أيُّهَا الأمير أحدثْك قولاً قام به رسول الله الغدَ من يوم الفتح، سمعتْه أُذناي ووعاه قلبي وأبصرتْه عيناي حين تكلَّم به: إنَّه حمد الله وأثنى عليه ثُمّ قال: «إنّ مكَّة حرَّمها الله ولم يحرّمها النَّاس؛ لا يحلّ لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً، ولا يعضد بها شجرة. فإنْ أحَد تَرَخَّص لقتال رسول الله فيها فقولوا له: إنّ الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم وإنَّما أذِن لي فيها ساعة من نهار وقد عَادَتْ حُرْمَتُها اليَومَ كحرمتها بالأمس وليبلّغ الشاهدُ الغائبَ». قال: فقال لي عَمْرو: أنا أعلمَ بذلك منكَ يا أبا شُرَيح إنّ الحرم لا يعيذ عاصياً ولا فارّاً بدَم ولا فارّا بخَرْبة (الخَربة ـــ بفتح الخاء وسكون الراء ـــ الجناية والبلية الَّتي تكون على النَّاس) وبما ثبت أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن يُقْتل ابن خَطل وهو متعلِّق بأستار الكعبة يوم الفتح.

وقد قال مالك، والشَّافعى: إنّ من أصاب جناية في الحرم أو خارجه ثُمّ عاذ بالحرم يقام عليه الحدّ في الحرم ويقاد منه.

وقال أبو حنيفة، وأصحابه الأربعة: لا يقتصّ في الحرم من اللاجىء إليه من خارجه ما دام فيه؛ ولكنَّه لا يبايَع ولا يؤاكَلُ ولا يجالَسُ إلى أن يخرج من الحرم. ويروون ذلك عن ابن عبَّاس، وابنِ عُمر، ومَنْ ذكرناه معهما آنفا.

وفي أحكام ابن الفرس أن عبد الله بن عمر قال: «من كان خائفاً من الاحتيال عليه فليس بآمن ولا تجوز إذايته بالامتناع من مكالمته».

وقال فريق: هو حكم محكم غير منسوخ، فقال فريق منهم: قوله: { ومن دخله } يفهم منه أنَّه أتى ما يوجب العقوبة خارجَ الحرم فإذا جنى في الحرم أقيد منه، وهذا قول الجمهور منهم، ولعلّ مستندهُم قوله تعالى: { والحرمات قصاص } [البقرة: 194] أو استندوا إلى أدلّة من القياس، وقال شذوذ: لا يقام الحدّ في الحرم، ولو كان الجاني جنى في الحرم وهؤلاء طردوا دليلهم.

وقد ألممنا بذلك عند قوله تعالى: { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتَّى يقاتلوكم فيه } [البقرة: 191].

وقد جعل الزجّاج جملة { ومن دخله كان آمناً } آية ثانية من الآيات البيّنات فهى بيان لـ (آيات)، وتبعه الزمخشري، وقال: يجوز أن يطلق لفظ الجمع على المثنّى كقوله تعالى: { فقد صغت قلوبكما } [التحريم: 4]. وإنَّما جاز بيان المفرد بجملة لأنّ هذه الجملة في معنى المفرد إذ التَّقدير: مقامُ إبراهيم وأمْنُ مَن دخَله. ولم ينظر ذلك بما استعمل من كلام العرب حتَّى يُقَرّب هذا الوجه. وعندي في نظيره قول الحرث بن حلزة:

مَنْ لنا عنده من الخيْر آياتٌ ثلاثٌ في كلهنّ القضاء
آيةٌ شارق الشقيقة إذ جاءَت مَعَدّ لِكلّ حيّ لواء

ثم قال:

ثُمّ حُجْرا أعني ابن أم قَطامٍوله فارسية خضراء

ثم قال:

وفككنا غُلّ امرىء القيس عنهبعد ما طال حَبسه والعَناء

فجعل (وفككنا) هي الآية الرابعة باتِّفاق الشرّاح إذ التقدير: وفَكُّنا غُل امرىء القيس.

وجوّز الزمخشري أن يكون آيات باقياً على معنى الجمع وقد بُيّن بآيتين وتركت الثَّالثة كقول جرير:

كانَتْ حنيفةُ أثلاثا فثُلْثهُمُمن العبيدِ وثُلث من مواليها

أي ولم يذكر الثلث الثالث.

وهو تنظير ضعيف لأنّ بيت جرير ظهر منه الثُلث الثالث، فَهُم الصميم، بخلاف الآية فإنّ بقية الآيات لم يُعرف. ويجوز أن نجعل قوله تعالى: { ولله على الناس حج البيت } إلخ متضمّناً الثالثة من الآيات البيّنات.

حُكم أعقب به الامتنان: لما في هذا الحكم من التَّنويه بشأن البيت فلذلك حسن عطفه. والتَّقدير: مباركاً وهدى، وواجباً حجّه. فهو عطف على الأحوال.

والحجّ تقدّم عند قوله تعالى: { الحجّ أشهر معلومات } في سورة [البقرة:197]، وفيه لغتان فتح الحاء وكسرها ولم يقرأ في جميع مواقعه في القرآن بكسر الحاء إلاّ في هذه الآية: قرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وأبو جعفر بكسر الحاء.

ويتّجه أن تكون هذه الآية هي الَّتي فرض بها الحجّ على المسلمين، وقد استدلّ بها علماؤنا على فرضية الحجّ، فما كان يقع من حجّ النّبي والمسلمين، قبل نزولها، فإنَّما كان تقرّباً إلى الله، واستصحاباً للحنيفية. وقد ثبت أنّ النّبي حجّ مرّتين بمكّة قبل الهجرة ووقف مع النَّاس. فأمَّا إيجاب الحجّ في الشَّريعة الإسلاميَّة فلا دليل على وقوعه إلاّ هذه الآية وقد تمالأ علماء الإسلام على الاستدلال بها على وجوب الحجّ، فلا يعد ما وقع من الحجّ قبل نزولها، وبعد البعثة إلاّ تحنّثاً وتقرّباً، وقد صحّ أنَّها نزلت سنة ثلاث من الهجرة، عقب غزوة أحدُ، فيكون الحجّ فرض يومئذ. وذكر القرطبي الاختلاف في وقت فرضية الحجّ على ثلاثة أقوال: فقيل: سنة خمس، وقيل: سنة سبع، وقيل: سنة تسع، ولم يعز الأقوال إلى أصحابها، سوى أنَّه ذكر عن ابن هشام، عن أبي عبيد الواقدي أنَّه فرض عام الخندق، بعد انصراف الأحزاب، وكان انصرافهم آخر سنة خمس. قال ابن إسحاق: وولى تلك الحجَّة المشركون. وفي مقدّمات ابن رشد ما يقتضي أنّ الشافعي يقول: إنّ الحجّ وجب سنة تسع، وأظهر من هذه الأقوال قول رابع تمالأ عليه الفقهاء وهو أنّ دليل وجوب الحجّ قوله تعالى: { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا }. وقد استدلّ الشَّافعي بها على أنّ وجوبه على التَّراخي، فيكون وجوبه على المسلمين قد تقرَّر سنة ثلاث، وأصبح المسلمون منذ يومئذ مُحْصَرين عن أداء هذه الفريضة إلى أن فتح الله مكّة ووقعت حجّة سنة تسع.

وفي هذه الآية من صيَغ الوجوب صِيغتان: لام الاستحقاق، وحرف (على) الدال على تقرّر حقّ في ذمة المجرور بها. وقد تعسّر أو تعذّر قيام المسلمين بأداء الحجّ عقب نزولها، لأنّ المشركين كانوا لا يسمحون لهم بذلك، فلعلّ حكمة إيجاب الحجّ يومئذ أن يكون المسلمون على استعداد لأداء الحجّ مهما تمكّنوا من ذلك، ولتقوم الحجَّة على المشركين بأنَّهم يمنعون هذه العبادة، ويصدّون عن المسجد الحرام، ويمنعون مساجد الله أن يذكر فيها اسمه.

وقوله: { من استطاع إليه سبيلا } بدل من النَّاس لتقييد حال الوجوب، وجوّز الكسائي أن يكون فاعل حَجّ، وردّ بأنَّه يصير الكلام: لله على سائر النَّاس أن يحجّ المستطيع منهم، ولا معنى لتكليف جميع النَّاس بفعل بعضهم، والحقّ أنّ هذا الردّ لا يتّجه لأنّ العرب تتفنَّن في الكلام لعلم السامع بأنّ فرض ذلك على النَّاس فرض مجمل يبيِّنه فاعل حَجّ، وليس هو كقولك: استطَاع الصّوم، أو استطاع حمل الثقل، ومعنى { استطاع سبيلاً } وجد سبيلاً وتمكّن منه، والكلام بأواخره. والسَّبيل هنا مجاز فيما يتمكّن به المكلّف من الحجّ.

وللعلماء في تفسير السبيل أقوال اختلفت ألفاظها، واتَّحدت أغراضها، فلا ينبغي بقاء الخلاف بينهم لأجلها مثبتاً في كتب التَّفسير وغيرها، فسبيل القريب من البيت الحرام سهل جداً، وسبيل البعيد الراحلة والزاد، ولذلك قال مالك: السبيل القدرة والنَّاس على قدر طاقتهم وسيرهم وجلدهم. واختلف فيمن لا زاد له ويستطيع الاحْتِرَاف في طريقه: فقال مالك: إذا كان ذلك لا يزري فليسافر ويكتسب في طريقه، وقال بمثله ابن الزبير، والشعبي، وعكرمة. وعن مالك كراهية السفر في البحر للحجّ إلا لمن لا يجد طريقاً غيره كأهل الأندلس، واحتجّ بأنّ الله تعالى قال: { يأتوك رجالاً وعلى كُلّ ضامر } [الحج: 27] ولم أجد للبحر ذكراً. قال الشيخ ابن عطية: هذا تأنيس من مالك وليست الآية بالَّتي تقتضي سقوط سفر البحر. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ناس من أمَّتِي عُرِضوا عليّ غُزاة في سبيل الله يركبون ثَبَج هذا البحر" وهل الجهادِ إلاّ عبادة كالحجّ، وكره مالك للمرأة السَّفر في البحر لأنَّه كشفة لها، وكلّ هذا إذا كانت السَّلامة هي الغالب وإلا لم يجز الإلقاء إلى التهلكة، وحال سفر البحر اليوم أسلم من سفر البرّ إلاّ في أحوال عارضة في الحروب إذا شملت البحارَ.

وظاهر قوله تعالى: { من استطاع إليه سبيلا } أنّ الخطاب بالحجّ والاستطاعة للمرءِ في عمله لا في عمل غيره، ولذلك قال مالك: لا تصحّ النِّيابة في الحجّ في الحياة لعذر، فالعاجز يسقط عنه الحجّ عنده ولم ير فيه إلاّ أنّ للرجل أن يوصي بأن يُحَجّ عنه بعد موته حجّ التَّطوع، وقال الشَّافعي، وأحمد، وإسحاق بن راهويه: إذا كان له عذر مانع من الحجّ وكان له من يطيعه لو أمره بأن يحجّ عنه، أو كان له مال يستأجر به من يحجّ عنه، صار قادراً في الجملة، فيلزمه الحجّ، واحتجّ بحديث ابن عبَّاس: أنّ امرأة من خثعم سألت النّبي صلى الله عليه وسلم يوم حجَّة الوداع فقالت: إنّ فريضة الله على عباده في الحجّ أدركتْ أبي شيخاً كبيراً لا يثبُت على الراحلة أفيُجْزِىء أن أحجّ عنه؟ قال: نعم، حُجِّي عنه أرَأيْتِ لو كان على أبيككِ دَيْن أكُنْتِ قاضيتَهُ؟ قالت: نعم، قال: فَدَيْن الله أحقّ أن يقضى. وأجاب عنه المالكية بأنّ الحديث لم يدلّ على الوجوب بل أجابها بما فيه حثّ على طاعة أبيها، وطاعة ربِّها.

وقال عليّ بن أبي طالب، وسفيان الثوري، وأبو حنيفة، وابن المبارك. لا تجزىء إلاّ إنابة الأجرة دون إنابة الطَّاعة.

وظاهر الآية أنَّه إذا تحقّقت الاسْتطاعة وجب الحجّ على المستطيع على الفور، وذلك يندرج تحت مسألة اقتضاءِ الأمر الفورَ أو عدمِ اقتضائِه إيّاه، وقد اختلف علماء الإسلام في أنّ الحجّ واجب على الفور أو على التَّراخي. فذهب إلى أنَّه على الفور البغداديون من المالكية: ابنُ القصار، وإسماعيل بن حَماد، وغيرهما، وتأوّلوه من قول مالك، وهو الصّحيح من مذهب أبي حنيفة، وهو قول أحمد بن حنبل، وداوود الظاهري. وذهب جمهور العلماء إلى أنّه على التَّراخي وهو الصحيح من مذهب مالك ورواية ابن نافع وأشهب عنه وهو قول الشَّافعي وأبي يوسف. واحتجّ الشّافعي بأنّ الحجّ فرض قبل حجّ النّبي صلى الله عليه وسلم بسنين، فلو كان على الفور لما أخّره لعُذْر لبيّنه أي لأنَّه قدوة للنَّاس. وقال جماعة: إذا بلغ المرء الستِّين وجب عليه الفور بالحجّ إن كان مستطيعاً خشية الموت، وحكاه ابن خويزَ مَنْدادَ عن ابن القاسم.

ومعنى الفور أن يوقعه المكلّف في الحجَّة الَّتي يحين وقتها أولاً عند استكمال شرط الاستطاعة.

وقوله: { ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } ظاهره أنَّه مقابل قوله { من استطاع إليه سبيلاً } فيكون المراد بمن كفر من لم يحجّ مع الاستطاعة، ولذلك قال جمع من المحقّقين: إنّ الإخبار عنه بالكفر هنا تغليظ لأمر ترك الحجّ. والمراد كفر النعمة. ويجوز أيضاً أن يراد تشويه صنعه بأنَّه كصنيع من لا يؤمن بالله ورسله وفضيلة حَرمه. وقال قوم: أراد ومن كفر بفرض الحجّ، وقال قوم بظاهره: إنّ ترك الحجّ مع القدرة عليه كفر. ونسب للحسن. ولم يلتزم جماعة من المفسِّرين أنّ يكون العطف للمقابلة وجعلوها جملة مستقلّة. كالتذييل، بيّن بها عدم اكتراث الله بمن كفر به.

وعندي أنَّه يجوز أن يكون المراد بمن كفر من كفر بالإسلام، وذلك تعريض بالمشركين من أهل مكّة بأنَّه لا اعتداد بحجّهم عند الله وإنَّما يريد الله أن يحجّ المؤمنون به والموحّدون له.

وفي قوله: { غني عن العالمين } رمز إلى نزعه ولاية الحرم من أيديهم: لأنَّه لمّا فرضَ الحجّ وهُم يصدّون عنه، وأعلمنا أنَّه غني عن النَّاس، فهو لا يعجزه من يصدّ النَّاس عن مراده تعالى.