التفاسير

< >
عرض

وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِيۤ أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ
٣٤
ٱلَّذِيۤ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ
٣٥
-فاطر

التحرير والتنوير

الأظهر أن جملة { وقالوا } في موضع الحال من ضمير { { يحلون } [فاطر: 33] لئلا يلزم تأويل الماضي بتحقيق الوقوع مع أنه لم يقصد في قوله: { { يدخلونها } [فاطر: 33]. وتلك المقالة مقارنة للتحلية واللباس، وهو كلام يجري بينهم ساعتئذ لإِنشاء الثناء على الله على ما خوّلهم من دخول الجنة، ولما فيه من الكرامة.

وإذهاب الحزن مجاز في الإِنجاء منه فتصدق بإزالته بعد حصوله ويصدق بعدم حصوله.

و{ الحزن } الأسف. والمراد: أنهم لمّا أعطوا ما أعطوه زال عنهم ما كانوا فيه قبلُ من هول الموقف ومن خشية العقاب بالنسبة للسابقين والمقتصدين ومما كانوا فيه من عقاب بالنسبة لظالمي أنفسهم.

وجملة { إن ربنا لغفور شكور } استئنافُ ثناء على الله شكروا به نعمة السلامة أثنوا عليه بالمغفرة لما تجاوز عما اقترفوه من اللمم وحديثِ الأنفس ونحو ذلك مما تجاوز الله عنه بالنسبة للمقتصدين والسابقين، ولما تجاوز عنه من تطويل العذاب وقبول الشفاعة بالنسبة لمختلف أحوال الظالمين أنفسهم وأثنوا على الله بأنه شكور لما رأوا من إفاضته الخيرات عليهم ومُضاعفة الحسنات مما هو أكثر من صالحات أعمالهم. وهذا على نحو ما تقدم في قوله: { { ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور } [فاطر: 30].

و{ المُقَامة } مصدر ميمي من أقام بالمكان إذا قطنه. والمراد: دار الخلود. وانتصب { دار المقامة } على المفعول الثاني لــــ{ أحلنا } أي أسكننا.

و{ مِن } في قوله: { من فضله } ابتدائية في موضع الحال من { دار المقامة }.

والفضل: العطاء، وهو أخُو التفضل في أنه عطاء منّة وكرم.

ومن فضل الله أن جعل لهم الجنة جزاء على الأعمال الصالحة لأنه لو شاء لما جعل للصالحات عطاء ولكان جزاؤها مجرد السلامة من العقاب، وكان أمر مَن لم يستحق الخلود في النار كفافاً، أي لا عقاب ولا ثواب فيبقى كالسوائم، وإنما أرادوا من هذا تمام الشكر والمبالغة في التأدب.

وجملة { لا يمسنا فيها نصب } حال ثانية.

والمسّ: الإِصابة في ابتداء أمرها، والنصب: التعب من نحو شدّة حر وشدة برد. واللغوب: الإِعياء من جراء عمل أو جري.

وإعادة الفعل المنفي في قوله: { ولا يمسنا فيها لغوب } لتأكيد انتفاء المسّ.