التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ
٧٤
لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ
٧٥
-الزخرف

التحرير والتنوير

لهذه الجملة موقعان:

أحدهما: إتمام التفصيل لما أجمله الوعيد الذي في قوله تعالى: { { فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم } [الزخرف: 65] عقب تفصيل بعضه بقوله: { { هل ينظرون إلا الساعة } [الزخرف: 66] الخ. وبقوله: { { الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدوٌ } [الزخرف: 67] حيث قطع إتمام تفصيله بالاعتناء بذكر وعد المؤمنين المتقين فهي في هذا الموقع بيان لجملة الوعيد وتفصيل لإجمالها.

الموقع الثاني: أنها كالاستئناف البياني يثيره ما يُسمع من وصف أحوال المؤمنين المتقين من التساؤل: كيف يكون حال أضدادهم المشركين الظالمين.

والموقعان سواء في كون الجملة لا محلّ لها من الإعراب.

وافتتاح الخبر بــ{ إنّ } للاهتمام به، أو لتنزيل السائل المتلهفِ للخبر منزلة المتردّد في مضمونه لشدة شوقه إليه، أو نظراً إلى ما في الخبر من التعريض بإسماعه المشركين وهم ينكرون مَضْمُونَهُ فكأنه قيل: إنكم أيها المجرمون في عذاب جهنم خالدون.

والمجرمون: الذين يفعلون الإجرام، وهو الذنب العظيم. والمراد بهم هنا: المشركون المكذبون للنبي صلى الله عليه وسلم لأن السياق لهم، ولأن الجملة بيان لإجمال وعيدهم في قوله: { { فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم } [الزخرف: 65]، ولأن جواب الملائكة نداءهم بقولهم: { { لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون } [الزخرف: 78] لا ينطبق على غير المكذبين، أي كارهون للإسلام والقرآن، فذكر المجرمين إظهار في مقام الإضمار للتنبيه على أن شركهم إجرام.

وجملة { لا يفتر عنهم } في موضع الحال من { عذاب جهنم } و{ يفتر } مضاعف فَتَر، إذا سكن، وهو بالتضعيف يتعدّى إلى مفعول. والمعنى: لا يفتِّره أحد.

وجملة { وهم فيه مبلسون } عطف على جملة { إنّ المجرمين في عذاب جهنم خالدون }.

والإبلاس: اليأس والذل، وتقدم في سورة الأنعام: وزاد الزمخشري في معنى الإبلاس قيد السكوت ولم يذكره غيره، والحق أن السكوت من لوازم معنى الإبلاس وليس قيداً في المعنى.