التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَّمَآءُ مَوْراً
٩
وَتَسِيرُ ٱلْجِبَالُ سَيْراً
١٠
فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
١١
ٱلَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ
١٢
-الطور

التحرير والتنوير

يجوز أن يتعلق { يوم تمور السماء } بقوله: { لواقع } [الذاريات: 7] على أنه ظرف له فيكون قوله: { فويل يومئذٍ للمكذبين } تفريعاً على الجملة كلها ويكون العذاب عذاب الآخرة.

ويجوز أن يكون الكلام قد تم عند قوله: { { إن عذاب ربك لواقع } [الذاريات: 7]، فيكون { يوم } متعلقاً بالكون الذي بين المبتدأ والخبر في قوله: { فويل يومئذٍ للمكذبين } وقدم الظرف على عامله للاهتمام، فلما قدم الظرف اكتسب معنى الشرطية وهو استعمال متبع في الظروف والمجرورات التي تُقدم على عواملها فلذلك قرنت الجملة بعده بالفاء على تقدير: إن حَلَّ ذلك اليوم فويل للمكذبين.

وقوله: { يومئذٍ } على هذا الوجه أريد به التأكيد للظرف فحصل تحقيق الخبر بطريقين طريق المجازاة، وطريق التأكيد في قوله: { يوم تمور السماء موراً } الآية، تصريح بيوم البعث بعد أن أشير إليه تضمناً بقوله: { إن عذاب ربك لواقع } فحصل بذلك تأكيده أيضاً.

والمور بفتح الميم وسكون الواو: التحرك باضطراب، ومور السماء هو اضطراب أجسامها من الكواكب واختلال نظامها وذلك عند انقراض عالم الحياة الدنيا.

وسيْر الجبال: انتقالها من مواضعها بالزلازل التي تحدث عند انقراض عالم الدنيا، قال تعالى: { { إذا زلزلت الأرض زلزالها } [الزلزلة: 1] إلى قوله: { { يومئذٍ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم } [الزلزلة: 6].

وتأكيد فعلي { تمور } و{ تسير } بمصدري { مَوْراً } و{ سَيْراً } لرفع احتمال المجاز، أي هو مور حقيقي وتنقل حقيقي.

والويل: سوء الحال البالغ منتهى السوء، وتقدم عند قوله تعالى: { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم } في سورة البقرة (79) وتقدم قريباً في آخر الذاريات.

والمعنى: فويل يومئذٍ للذين يكذبون الآن. وحذف متعلق للمكذبين لعلمه من المقام، أي الذين يكذبون بما جاءهم به الرسول من توحيد الله والبعث والجزاء والقرآن فاسم الفاعل في زمن الحال.

والخوض: الاندفاع في الكلام الباطل والكذب. والمراد خوضهم في تكذيبهم بالقرآن مثل ما حكى الله عنهم: { { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون } [فصلت: 26] وهو المراد بقوله تعالى: { { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره } [الأنعام: 68].

و{ في } للظرفية المجازية وهي الملابسة الشديدة كملابسة الظرف للمظروف، أي الذين تمكن منهم الخوض حتى كأنه أحاط بهم.

و{ يلعبون } حاليّة. واللعب: الاستهزاء، قال تعالى: { { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أباللَّه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون } [التوبة: 65].