التفاسير

< >
عرض

سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ ٱلْكَذَّابُ ٱلأَشِرُ
٢٦
-القمر

التحرير والتنوير

مقول قول محذوف دل عليه السياق تقديره: قلنا لنذيرهم الذي دل عليه قوله: { { كذبت ثمود بالنذر } [القمر: 23] فإن النذر تقتضي نذيراً بها وهو المناسب لقوله بعده { { فارتقبهم واصطبر } [القمر: 27] وذلك مبني على أن قوله آنفاً: { { فقالوا أبشراً منا واحداً نتبعه } [القمر: 25] كلام أجابوا به نِذارة صالح إيّاهم المقدرة من قوله تعالى: { { كذبت ثمود بالنذر } [القمر: 23]، وبذلك انتظم الكلام أتم انتظام.

وقرأ الجمهور { سيعلمون } بياء الغيبة. وقرأ ابن عامر وحمزة { ستعلمون } بتاء الخطاب وهي تحتمل أن يكون هذا حكاية كلام من الله لصالح على تقدير: قلنا له: قل لهم، ففيه حذف قول. ويحتمل أن يكون خطاباً من الله لهم بتقدير: قلنا لهم ستعلمون. ويحتمل أن يكون خطاباً للمشركين على جعل الجملة معترضة.

والمراد من قوله: { غداً } الزمن المستقبل القريب كقولهم في المثل: إن مع اليوم غداً، أي إن مع الزمن الحاضر زمناً مستقبلاً. يقال في تسلية النفس من ظلم ظالم ونحوه، وقال الطِرِمَّاح:

وقبْلَ غدٍ يَا ويحَ قلبيَ من غدإذا راح أصحابي ولستُ برائح

يريد يوم موته.

والمراد به في الآية يوم نزول عذابهم المستقرب.

وتبيينه في قوله: { { إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم } [القمر: 27] الخ، أي حين يرون المعجزة وتلوح لهم بوارق العذاب يعلمون أنهم الكذّابون الأشرون لا صالح. وعلى الوجه الثاني في ضمير { سيعلمون } يكون الغد مراداً به: يوم انتصار المسلمين في بدر ويوم فتح مكة، أي سيعلمون من الكذاب المماثل للكذاب في قصة ثمود.