التفاسير

< >
عرض

إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ
٣١
-القمر

التحرير والتنوير

جواب قوله: { فكيف كان عذابي ونذر } [القمر: 30] فهو مثل موقع قوله: { إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً } [القمر: 19] في قصة عاد كما تقدم.

والصيحة: الصاعقة وهي المعبر عنها بالطاغية في سورة الحاقة، وفي سورة الأعراف بالرجفة، وهي صاعقة عظيمة خارقة للعادة أهلكتهم، ولذلك وصفت بــــ { واحدة } للدلالة على أنها خارقة للعادة إذ أتت على قبيلة كاملة وهم أصحاب الحِجْر.

و{ كانوا } بمعنى: صاروا، وتجيء (كان) بمعنى (صار) حين يراد بها كون متجدد لم يكن من قبل.

والهشيم: ما يَبِسَ وجفّ من الكلأ ومن الشجر، وهو مشتق من الهشْم وهو الكَسْر لأن اليابس من ذلك يصير سريع الانكسار. والمراد هنا شيء خاص منه وهو ما جفّ من أغصَان العضاة والشوك وعظيم الكلأ كانوا يتخذون منه حظائر لحفظ أغنامهم من الريح والعادية ولذلك أضيف الهشيم إلى المْحتظِر. وهو بكسر الظاء المعجمة: الذي يَعمل الحَظيرة ويَبْنيهَا، وذلك بأنه يجمع الهشيم ويلقيه على الأرض ليرصفه بعد ذلك سياجاً لحظيرته فالمشبه به هو الهشيم المجموع في الأرض قبل أن يُسيّج ولذلك قال: { كهشيم المحتظر } ولم يقل: كهشيم الحظيرة، لأن المقصود بالتشبيه حالته قبل أن يرصف ويصفف وقبل أن تتخذ منه الحظيرة.

والمحتظر: مفتعل من الحظيرة، أي متكلف عمل الحظيرة.

والقول في تعدية { أرسلنا } إلى ضمير { { ثمود } [القمر: 23] كالقول في { { أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً } [القمر: 19].