التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَٱلدِّهَانِ
٣٧
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٣٨
فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ
٣٩
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٤٠
-الرحمن

التحرير والتنوير

تفريع إخبار على إخبار فرع على بعض الخبر المجمل في قوله: { سنفرغ لكم أيها الثقلان } [الرحمٰن: 31] إلى آخره، تفصيل لذلك الإجمال بتعيين وقته وشيء من أهوال ما يقع فيه للمجرمين وبشائر ما يعطاه المتّقون من النعيم والحبور.

وقوله: { فكانت وردة } تشبيه بليغ، أي كانت كوَرْدة.

والوَرْدَة: واحدة الورد، وهو زهر أحمر من شجرة دقيقة ذات أغصان شائكة تظهر في فصل الربيع وهو مشهور. ووجه الشبه قيل هو شدة الحمرة، أي يتغير لون السماء المعروف أنه أزرق إلى البياض، فيصير لونها أحمر قال تعالى: { { يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسماوات } [إبراهيم: 48]. ويجوز عندي: أن يكون وجه الشبه كثرة الشقوق كأوراق الوردة.

والدهان، بكسر الدال: دردي الزيت. وهذا تشبيه ثان للسماء في التموج والاضطراب.

وجملة { فبأي ألاء ربكما تكذبان } معترضة بين جملة الشرط وجملة الجواب وقد مثّل بها في «مغني اللبيب» للاعتراض بين الشرط وجوابه، وعينّ كونها معترضة لا حالية، وهذه الجملة معترضة تكرير للتقرير والتوبيخ كما هو بيّن، وانشقاق السماء من أحوال الحشر، أي فإذا قامت القيامة وانشقت السماء. كما قال تعالى: { { فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء } [الحاقة: 15، 16] أن قوله: { { يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية } [الحاقة: 18]. وهذا هو الانشقاق المذكور في قوله: { { ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلاً الملك يومئذ الحق للرحمٰن } في سورة الفرقان (25، 26).

وجملة { فيومئذ لا يسأل عن ذنبه } الخ جواب شرط (إذا). واقترن بالفاء لأنها صُدرت باسم زمان وهو { يومئذٍ } وذلك لا يصلح لدخول (إذا) عليه.

ومعنى { لا يسئل عن ذنبه }: نفي السؤال الذي يريد به السائل معرفة حصول الأمر المتردّد فيه، وهذا مثل قوله تعالى: { { ولا يُسأل عن ذنوبهم المجرمون } [القصص: 78]. وليس هو الذي في قوله تعالى: { فوربّك لنسألنهم أجمعين عمّا كانوا يعملون } [الحجر: 92، 93] وقوله: { وقفوهم إنهم مسؤولون } [الصافات: 24]، فإن ذلك للتقرير والتوبيخ فإن يوم القيامة متسع الزمان، ففيه مواطن لا يسأل أهل الذنوب عن ذنوبهم، وفيه مواطن يسألون فيها سؤالاً تقرير وتوبيخ.

وجملة { فبأي ألاء ربكما تكذبان } تكرير للتقرير والتوبيخ.