التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ
١٨
-الحديد

التحرير والتنوير

يشبه أن تكون هذه الآية من المدني وأن تكون متصلة المعنى بقوله تعالى: { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجر كريم } [الحديد: 11] وأن آية { ألم يأن للذين آمنوا } [الحديد: 16] وما بعدها معترض. وقد تخلل المكي والمدني كل مع الآخر في هذه السورة ألاَ ترى أن ألفاظ الآيتين متماثلة إذ أريد أن يعاد ما سبق من التحريض على الإِنفاق فيُؤتى به في صورة الصلة التي عُرف بها الممتثلون لذلك التحريض.

وعطف { والمصدقات } كما تقدم في قوله: { يوم ترى المؤمنين والمؤمنات } [الحديد: 12]، ولأن الشُحَّ يكثر في النساء كما دلت عليه أشعار العرب.

وقرأ الجمهور { والمصّدقين } بتشديد الصاد على أن أصله المتصدقين فأدغمت التاء في الصاد بعد قَلْبِهَا صاداً لقرب مخرجيهما تطلباً لخفة الإِدغام، فقوله: { وأقرضوا الله قرضاً حسناً } من عطف المرادف في المعنى لما في المعطوف من تشبيه فِعلهم بقرض لله تنويهاً بالصدقات.

وقرأه ابن كثير وأبو بكر عن عاصم بتخفيف الصاد على أنه من التصديق، أي الذين صدَّقوا الرسول صلى الله عليه وسلم أي آمنوا وامتثلوا أمره فأقرضوا الله قرضاً حسناً.

وقرأ الجمهور { يضاعف لهم } بألف بعد الضاد. وقرأه ابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب { يضعّف } بدون ألف وبتشديد العين.

وعطف { وأقرضوا } وهو جملة على { المصدقين } وهو مفرد لأن المفرد في حكم الفعل حيث كانت اللام في معنى الموصول فقوة الكلام: إن الذين اصَّدَّقوا واللائي تصدقْنَ وأقرضوا، على التغليب ولا فَصْلَ بأجنبي على أن الفصل لا يمنع إذا لم يفسد المعنى.

ووجه العدول عن تماثل الصلتين فلم يقل: إن المصدقين والمقرضين، هو تصوير معنى كون التصدق إقراضاً لله.

وتقدم معنى { يضاعف لهم ولهم أجر كريم } في قوله: { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له } [الحديد: 11] الآية.