التفاسير

< >
عرض

وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٢٥
قُلْ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِنْدَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٢٦
-الملك

التحرير والتنوير

لما لم تكن لهم معارضة للحجة التي في قوله: { هو الذي أنشأكم } [الملك: 23] إلى { هو الذي ذرأكم في الأرض } [الملك: 24] انحصر عنادهم في مضمون قوله: { { وإليه تحشرون } [الملك: 24] فإنهم قد جحدوا البعث وأعلنوا بجحده وتعجبوا من إنذار القرآن به، وقال بعضهم لبعض { هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد أفترى على الله كذباً أم به جِنة } [سبأ: 7ــ 8] وكانوا يقولون: { { متى هذا الوعد إن كنتم صادقين } [سبأ: 29] واستمروا على قوله، فلذلك حكاه الله عنهم بصيغة المضارع المقتضية للتكرير.

و { الوعد } مصدر بمعنى اسم المفعول، أي متى هذا الوعد فيجوز أن يراد به الحشر المستفاد من قوله: { وإليه تحشرون } [الملك: 24] فالإشارة إليه بقوله: { هذا } ظاهرة، ويجوز أن يراد به وعد آخر بنصر المسلمين، فالإشارة إلى وعيد سمعوه.

والاستفهام بقولهم: { متى هذا الوعد } مستعمل في التهكم لأن من عادتهم أن يستهزئوا بذلك قال تعالى: { فسيقولون من يُعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون متى هو } [الإسراء: 51]

وأتوا بلفظ { الوعد } استنجازاً له لأن شأن الوعد الوفاء.

وضمير الخطاب في: { إن كنتم صادقين } للنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين لأنهم يلهجون بإنذارهم بيوم الحشر، وتقدم نظيره في سورة سبأ.

وأمر الله رسوله بأن يجيب سؤالهم بجملة على خلاف مرادهم بل على ظاهر الاستفهام عن وقت الوعد على طريقة الأسلوب الحكيم، بأن وقت هذا الوعد لا يعلمه إلاّ الله، فقوله: { قل } هنا أمر بقول يختص بجواب كلامهم وفصل دون عطف بجريان المقول في سياق المحاورة، ولم يعطف فعل { قل } بالفاء جرياً على سنن أمثاله الواقعة في المجاوبة والمحاورة، كما تقدم في نظائره الكثيرة وتقدم عند قوله تعالى: { قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها } في سورة البقرة (30).

ولام التعريف في { العلم } للعهد، أي العلم بوقت هذا الوعد. وهذه هي اللام التي تسمى عوضاً عن المضاف إليه، وهذا قصر حقيقي.

{ وإنما أنا نذير مبين } قصر إضافي، أي ما أنا إلاّ نذير بوقوع هذا الوعد لا أتجاوز ذلك إلى كوني عالماً بوقته.

والمبين: اسم فاعل من أبان المتعدي، أي مبين لما أمرت بتبليغه.