التفاسير

< >
عرض

مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ
١٢
-القلم

التحرير والتنوير

هذه مذمة خامسة.

{ منّاع }: شديد المنع. والخير: المال، أي شحيح، والخير من أسماء المال قال تعالى: { وإِنه لحُب الخير لشديد } [العاديات: 8] وقال: { إنْ تَرَكَ خَيْراً } [البقرة: 180]، وقد روعي تماثل الصيغة في هذه الصفات الأربع وهي { حَلاّفٍ، هَمّازٍ، مشَّاءٍ، منَّاعٍ } وهو ضرب من محسن الموازنة.

والمراد بمنع الخير: منعه عمن أسلَمَ من ذويهم وأقاربهم، يقول الواحد منهم لمن أسلم من أهله أو مواليه: من دخل منكم في دين محمد لا أنفعه بشيء أبداً، وهذه شنشنة عُرفوا بها من بعد، قال الله تعالى في شأن المنافقين { { هم الذين يقولون لا تنفقوا على مَن عند رسول الله حتى ينفضّوا } [المنافقون: 7]. وأيضاً فمِن منعِ الخير ما كان أهل الجاهلية يعطون العطاء للفخر والسمعة فلا يعطون الضعفاء وإنما يعطون في المجامع والقبائل قال تعالى: { { ولا تَحاضّون على طعام المسكين } [الفجر: 18]. قيل: كان الوليد بن المغيرة ينفق في الحج في كل حجة عشرين ألفاً يطعم أهلَ مِنى، ولا يعطي المسكين درهماً واحداً.

{ معتدٍ أثيم } هما مذمتان سادسة وسابعة قرن بينهما لمناسبة الخصوص والعموم.

والاعتداء: مبالغة في العُدوان فالافتعال فيه للدلالة على الشدة.

والأثيم: كثير الإِثم، وهو فعيل من أمثلة المبالغة قال تعالى: { { إن شجرة الزقوم طعام الأثيم } [الدخان: 43ــ 44]. والمراد بالإِثم هنا ما يعد خطيئة وفساداً عند أهل العقول والمروءة وفي الأديان المعروفة.

قال أبو حيان: وجاءت هذه الصفات صفات مبالغة ونوسب فيها فجاء { حَلاّف } [القلم: 10] وبعده { مَهين } [القلم: 10] لأن النون فيها تواخِ مع الميم، أي ميم { أثيم }، ثم جاء { { همَّاز مشّاء } [القلم: 11] بصفتي المبالغة، ثم جاء { منّاع للخَير معتد أثيم } صفات مبالغة ا هـ. يريد أن الافتعال في { معتدٍ } للمبالغة.