التفاسير

< >
عرض

أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ
١٤
إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
١٥
-القلم

التحرير والتنوير

يتعلق قوله: { أن كان ذا مال وبنين } بفعل { قَال } بتقدير لام التعليل محذوفة قبل { أنْ }، وهو حذف مطرد تعلق بذلك الفعل ظرف هو { إذا تتلى } ومجرور هو { أن كان ذا مال }، ولا بدع في ذلك وليست { إذا } بشرطية هنا فلا يهولنك قولهم: إن (مَا) بعد الشرط لا يعمل فيما قبله، على أنها لو جعلت شرطية لما امتنع ذلك لأنهم يتوسعون في المجرورات ما لا يتوسعون في غيرها وهذا مجرور باللام المحذوفة.

والمراد: كل من كان ذا مال وبنين من كبراء المشركين كقوله تعالى: { { وذَرْني والمكذبين أولِي النعمة } [المزمل: 11]. وقيل: أريد به الوليد بن المغيرة إذ هو الذي اختلق أن يقول في القرآن { أساطير الأولين } وقد علمت ذلك عند تفسير قوله تعالى: { { ولا تطِعْ كلّ حلاّف مهين } [القلم: 10]. وكان الوليد بن المغيرة ذا سعة في المال كثير الأبناء وهو المعنيُّ بقوله تعالى: { { ذرني ومن خلقتُ وحيداً وجعلتُ له مالاً ممدوداً وبنينَ شهوداً } إلى قوله: { { إن هذا إلاّ قول البشر } [المدثر: 11ــ 25]. والوجه أن لا يختص هذا الوصف به. وأن يكون تعريضاً به.

والأساطير: جمع أسطورة وهي القصة، والأسطورة كلمة معربة عن الرومية كما تقدم عند قوله تعالى: { يقول الذين كفروا إن هذا إلاّ أساطير الأولين } في الأنعام (25) وقوله: { { وَإذا قيل لهم ماذا أنزل ربّكم قالوا أساطير الأولين } في سورة النحل (24).

وختمت الأوصاف المحذر عن إطاعة أصحابها بوصف التكذيب ليُرجع إلى صفة التكذيب التي انتُقل الأسلوب منها من قوله: { { فلا تطع المكذبين } [القلم: 8].

وقرأ الجمهور { أنْ كان ذا مال } بهمزة واحدة على أنه خبر. وقرأه حمزة وأبو بكر عن عاصم وأبو جعفر بهمزتين مخففتين فهو استفهام إنكاري. وقرأه ابن عامر بهمزة ومَدَّة بجعل الهمزة الثانية ألفاً للتخفيف.