التفاسير

< >
عرض

إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً
٢٢
-الإنسان

التحرير والتنوير

هذا الكلام مقول قول محذوف قرينته الخطاب إذ ليس يصلح لهذا الخطاب مما تقدم من الكلام إلاّ أن يكون المخاطَبون هم الأبرارَ الموصوفَ نعيمهم.

والقول المحذوف يقدر فعلاً في موضع الحال من ضمير الغائب في { سقاهم } [الإنسان: 21]، نحو: يُقال لهم، أو يَقول لهم ربهم، أو يقدر اسماً هو حال من ذلك الضمير نحو: مَقولاً لهم هذا اللفظ، أو قائلاً لهم هذا اللفظ.

والإِشارة إلى ما يكون حاضراً لديهم من ألوان النعيم الموصوف فيما مضى من الآيات.

والمقصود من ذلك الثناء عليهم بما أسلفوا من تقوى الله وتكرمتهم بذلك وتنشيط أنفسهم بأن ما أنعم به عليهم هو حق لهم جزاء على عملهم.

وإقحام فعل { كان } للدلالة على تحقيق كونه جزاء لا منًّا عليهم بما لم يستحقوا، فإن من تمام الإِكرام عند الكرام أن يُتبعوا كرامتهم بقول ينشط له المكرَم ويزيل عنه ما يعرض من خجل ونحوه، أي هو جزاء حقاً لا مبالغة في ذلك.

وعطف على ذلك قوله: { وكان سعيكم مشكوراً } علاوة على إيناسهم بأن ما أغدق عليهم كان جزاء لهم على ما فعلوا بأن سعيهم الذي كان النعيمُ جزاء عليه، هو سعي مشكور، أي مشكور ساعِيه، فأسند المشكور إلى السعي على طريقة المجاز العقلي مثل قولهم: سَيْل مُفْعَم.

ولك أن تجعل { مشكوراً } مفعولاً حقيقة عقلية لكن على طريقة الحذف والإِيصال، أي مشكوراً عليه.

وإقحام فعل { كان } كإقحام نظيره آنفاً.