خطاب للمشركين الموجودين الذين خوطبوا بقوله تعالى:
{ إن ما توعدون لواقع } [المرسلات: 7]، وهو استئناف ناشىء عن قوله: { إنا كذلك نجزي المحسنين } [المرسلات: 44] إذ يثير في نفوس المكذبين المخاطبين بهذه القوارع ما يكثر خطوره في نفوسهم من أنهم في هذه الدنيا في نعمة محققة وأن ما يُوعدون به غير واقع فقيل لهم: { كلوا وتمتّعوا قليلاً }. فالأمر في قوله: { كلُوا وتمتَّعوا } مستعمل في الإِمهال والإِنذار، أي ليس أكلكم وتمتعكم بلذات الدنيا بشيء لأنه تمتع قليل ثم مأواكم العذاب الأبدي قال تعالى:
{ لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد } [آل عمران: 196، 197]. وجملة { إنكم مجرمون } خبر مستعمل في التهديد والوعيد بالسوءِ، أي إن إجرامكم مُهْوٍ بكم إلى العذاب، وذلك مستفاد من مقابلة وصفهم بالإِجرام بوصف
{ المتقين } [المرسلات: 41] بالإِحسان إذ الجزاء من جنس العمل، فالجملة واقعة موقع التعليل. وتأكيد الخبر بـ (إنَّ) لرد إنكارهم كونَهم مجرمين.