التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ
١٢
-النازعات

التحرير والتنوير

{ قالوا } بدل اشتمال من جملة { { يقولون أئنا لمردودون في الحافرة } [النازعات: 10].

وأعيد فعل القول لمقاصد منها الدلالة على أن قولهم هذا في غرض آخر غير القول الأول فالقول الأول قصدهم منه الإِنكار والإِبطال، والقول الثاني قصدوا منه الاستهزاء والتورك لأنهم لا يؤمنون بتلك الكرة فوصفهم إيّاها بـــ{ خاسرة } من باب الفرض و التقدير، أي لو حصلت كرّة لكانت خاسرة ومنها دفع توهم أن تكون جملة { تلك إذن كرةٌ خاسرةٌ } استئنافاً من جانب الله تعالى.

وعبر عن قولهم هذا بصيغة الماضي دون المضارع على عكس { { يقولون أئنا لمردودون في الحافرة } [النازعات: 10] لأن هذه المقالة قالوها استهزاء فليست مما يتكرر منهم بخلاف قولهم: { أئنا لمردودون في الحافرة } فإنه حجة ناهضة في زعمهم، فهذا مما يتكرر منهم في كل مقام. وبذلك لم يكن المقصود التعجِيبَ من قولهم هذا لأن التعجيب يقتضي الإِنكار وكون كَرَّتهم، أي عودتهم إلى الحياة عودةً خاسرة أمر محقق لا ينكر لأنهم يعودون إلى الحياة خاسرين لا محالة.

و{ تلك } إشارة إلى الرَّدة المستفادة من { مردودون } والإِشارة إليه باسم الإِشارة للمؤنث للإِخبار عنه بــــ { كَرّة }.

و(إذَنْ) جواب للكلام المتقدم، والتقدير: إذن تلك كرة خاسرة، فقدم { تلك } على حرف الجواب للعناية بالإِشارة.

والكرة: الواحدة من الكرّ، وهو الرجوع بعد الذهاب، أي رجْعة.

والخسران: أصله نقص مال التجارة التي هي لطلب الربح، أي زيادة المال فاستعير هنا لمصادفة المكروه غير المتوقع.

ووصف الكرّة بالخاسرة مجاز عقلي للمبالغة لأن الخاسر أصحابها. والمعنى: إنا إذن خاسرون لتكذيبنا وتبيُّن صدق الذي أنذرنا بتلك الرجعة.