التفاسير

< >
عرض

هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ
٣٦
-المطففين

التحرير والتنوير

فذلكة لِما حُكي من اعتداء المشركين على المؤمنين وما ترتب عليه من الجزاء يوم القيامة، فالمعنى فقَد جوزي الكفار بما كانوا يفعلون وهذا من تمام النداء الذي يعلق به يوم القيامة.

والاستفهام بــــ { هل } تقريري وتعجيب من عدم إِفلاتهم منه بعد دهور.

والاستفهام من قبيل الطلب فهو من أنواع الخطاب.

والخطاب بهذا الاستفهام موجه إلى غير معيّن بل إلى كل من يسمع ذلك النداء يوم القيامة. وهذا من مقول القول المحذوف.

و{ ثُوِّب } أعطِيَ الثوابَ، يقال: ثَوَّبَهُ كما يقال: أثابه، إذا أعطاه ثواباً.

والثواب: هو ما يجازى به من الخير على فعل محمود وهو حقيقته كما في «الصحاح»، وهو ظاهر «الأساس» ولذلك فاستعماله في جزاء الشر هنا استعارة تهكمية. وهذا هو التحقيق وهو الذي صرح به الراغب في آخر كلامه إذ قال: إنه يستعمل في جزاء الخير والشر. أراد أنه يستعار لجزاء الشر بكثرة فلا بد من علاقة وقرينة وهي هنا قوله: { الكفار } ما كانوا يفعلون كقول عمرو بن كلثوم:

نزلتم منزل الأضياف منافعجَّلنا القِرى أن تَشْتُمونا
قَرَيْناكـم فعَجَّلْنا قِراكمقُبيل الصُّبح مِرْداة طحونا

ومن قبيل قوله تعالى: { { فبشرهم بعذاب أليم } [الانشقاق: 24].

و{ ما كانوا يفعلون } موصول وهو مفعول ثان لفعل { ثوب } إذ هو من باب أعطى. وليس الجزاء هو ما كانوا يفعلونه بل عبر عنه بهذه الصلة لمعادلته شدَّةَ جرمهم على طريقة التشبيه البليغ، أو على حذف مضاف تقديره: مثلَ، ويجوز أن يكون على نزع الخافض وهو باء السببية، أي بما كانوا يفعلون.

وفي هذه الجملة محسن براعة المقطع لأنها جامع لما اشتملت عليه السورة.