أعقبت مساوي نفسه بمذام أقواله، وهو التفخر الكاذب والتمدح بإتلاف المال في غير صلاح. وقد كان أهل الجاهلية يتبجحون بإتلاف المال ويعدونه منقبة لإيذانه بقلة اكتراث صاحبه به، قال عنترة:
وإذَا سَكِرْتُ فإنَّنِي مُسْتَهْلِكٌمالي وعِرضي وافرٌ لم يُكْلَمِ
وَإذَا صَحَوْتُ فَما أقَصِّر عن نَدىوَكَما عَلِمْتَ شمائلي وتكَرُّمِي
وجملة: { يقول أهلكت مالاً } في موضع الحال من { { الإنسان } [البلد: 4]. وذلك من الكبد. وجملة: { أيحسب أن لم يَرَه أحد } بدل اشتمال من جملة { يقول أهلكت مالاً } لأن قوله { أهلكت مالاً لبداً } يصدر منه وهو يحسب أنه راجَ كذبُه، على جميع الناس وهو لا يخلو من ناس يطلعون على كذبه قال زهير:
ومهْما تكنْ عند امرىء مِن خليقةوإنْ خالها تَخفى على الناسِ تُعْلَمِ
والاستفهام إنكار وتوبيخ وهو كناية عن علم الله تعالى بدخيلته وأن افتخاره بالكرم باطل. و{ لُبداً } بضم اللام وفتح الموحدة في قراءة الجمهور وهو جمع لُبدة بضم اللام وهي ما تلبد من صوف أو شعر، أي تجمع والتصق بعضه ببعض وقرأه أبو جعفر { لُبَّداً } بضم اللام وتشديد الباء على أنه جمع لاَبِدٍ بمعنى مجتمع بعضُه إلى بعض مثل: صُيَّم وقُوَّم، أو على أنه اسم على زنة فُعَّل مثل زُمَّل للجَبان وجُبَّإ للضعيف.