التفاسير

< >
عرض

قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ
٣١
-يونس

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ } إلى قوله: { فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ }.
صرح الله تعالى في هذه الآية الكريمة، بأن الكفار يقرون بأنه جل وعلا، هو ربهم الرزاق المدير للأمور المتصرف في ملكه بما يشاء، وهو صريح في اعترافهم بربوبيته، ومع هذا أشركوا به جل وعلا.
والآيات الدالة على أن المشركين مقرون بربوبيته جل وعلا. ولم ينفعهم ذلك لإشراكهم معه غيره في حقوقه جل وعلا كثيرة، كقوله:
{ { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّه } [الزخرف: 87] وقوله: { { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلْعَزِيزُ ٱلْعَلِيم } [الزخرف: 9] وقوله: { { قُل لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [المؤمنون: 84] { { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } [المؤمنون: 85] إلى قوله: { { فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } [المؤمنون: 89] إلى غير ذلك من الآيات، ولذا قال تعالى: { { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } [يوسف: 106].
والآيات المذكورة صريحة في أن الاعتراف بربوبيته جل وعلا، لا يكفي في الدخول في دين الإسلام إلا بتحقيق معنى لا إله إلا الله نفياً وإثباتاً، وقد أوضحناه في سورة "الفاتحة" في الكلام على قوله تعالى:
{ { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } [الفاتحة: 5].
أما تجاهل فرعون لعنه الله لربوبيته جل وعلا، في قوله:
{ { قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [الشعراء: 23] فإنه تجاهل عارف لأنه عبد مربوب، كما دل عليه قوله تعالى: { قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَـٰؤُلاۤءِ إِلاَّ رَبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ بَصَآئِرَ } [الإسراء: 102] الآية: وقوله: { { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّا } [النمل: 14].