التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ
٨
فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ
٩
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ
١٠
نَارٌ حَامِيَةٌ
١١
-القارعة

أضواء البيان في تفسير القرآن

وقع الخلاف في المراد من قوله: { فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ }، هل المراد بأمه مأواه وهي النار، وأن هاوية من أسمائها، أم المراد بأمه رأسه وأن هاوية من الهوى، فيلقى في النار منكساً رأسه يهوي في النار.
وقد بحث الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ذلك في دفع إيهام الاضطراب، ولا يبعد من يقول إنه لا تعارض بين القولين.
فتكون أمه هاوية، وهي النار ويلقى فيها منكساً تهوي رأسه والعياذ بالله.
وحكى القرطبي على أن الأم بمعنى قول لبيد:

فالأرض معقلنا وكانت أمنا فيها مقابرنا وفيها نولد

وعلى معنى الهاوية البعيدة والداهية، قول الشاعر:

يا عمرو لو نالتك رماحنا كنت كمن تهوى به الهاوية

والهاوية: مكان الهوى.
كما قيل:

أكلت دماً إن لم أرعك بضرة بعيدة مهوى القرط مياسة القد

أو طيبة النشر.
وفي الحديث:
"إن أحدكم ليتكلم بالكلمة لا يلقى لها بأساً يهوى بها في النار أربعين خريفاً" .
نسأل الله السلام.
وقد فسر الهاوية بما بعدها: { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ } [القارعة: 10-11].
وقد فسر الهاوية بأنها أسفل دركات النار. عياذاً بالله.
وقد جاء قوله تعالى:
{ { كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ } [الهمزة: 4-6].
والنبذ: الطرح، مما يرجح ما قلناه من إمكان إرادة المعنيين كون أمه هي الهاوية أي النار، يهوي فيها على أُم رأسه، وذلك بالنبذ في الهاوية بعيدة المهوى، وعادة الجسم إذا ألقى من شاهق بعيداً يسبغه إلى أسفل أثقله، وأثقل جسم الإنسان رأسه. والله تعالى أعلم.