التفاسير

< >
عرض

وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلْنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
١٢
-النحل

أضواء البيان في تفسير القرآن

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه سخر لخلقه خمسة أشياء عظام، فيها من عظيم نعمته ما لا يعلمه إلا هو، وفيها الدلالات الواضحات لأهل العقول على أنه الواحد المستحق لأن يعبد وحده.
والخمسة المذكورة هي: الليل، والنهار، والشمس، والقمر، والنجوم.
وكرر في القرآن ذكر إنعامه بتسخير هذه الأشياء، وأنها من أعظم أدلة وحدانيته واستحقاقه للعبادة وحده. كقوله تعالى:
{ إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُغْشِي ٱلْلَّيْلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [الأعراف: 54] وإغشاؤه الليل النهار: هو تسخيرهما، وقوله: { وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ } [إبراهيم: 33] الآية، وقوله: { وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلْلَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ } [يس: 37-39]، وقوله: { وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ } [الملك: 5] الآية، وقوله: { { وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } [النحل: 16] إلى غير ذلك من الآيات. وفي هذه الآية الكريمة ثلاث قراءات سبعيات في الأسماء الأربعة الأخيرة، التي هي الشمس، والقمر، والنجوم، ومسخرات، فقرأ بنصبها كلها نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وعاصم في رواية شعبة. وقرأ برفع الأسماء الأربعة ابن عامر، على أن { وَٱلشَّمْسَ } مبتدأ وما بعده معطوف عليه و { مُسَخَّرَاتٌ } خبر المبتدأ. وقرأ حفص عن عاصم بنصب { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ } عطفاً على { ٱللَّيْلَ وَٱلْنَّهَارََ } ورفع { وَٱلْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ } على أنه مبتدأ وخبر. وأظهر أوجه الإعراب في قوله { مُسَخَّرَاتٌ } على قراءة النصب أنها حال مؤكدة لعاملها. والتسخير في اللغة: التذليل.