التفاسير

< >
عرض

وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ بَلَىٰ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلْنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
٣٨
-النحل

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ بَلَىٰ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً }.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار حلفوا جهد أيمانهم - أي اجتهدوا في الحلف -وغلظوا الأيمان على أن الله لا يبعث من يموت, وكذبهم الله جل وعلا في ذلك بقوله: { بَلَىٰ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً }، وكرر في آيات كثيرة هذا المعنى المذكور هنا من إنكارهم للبعث وتكذيبه لهم في ذلك، كقوله:
{ زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ } [التغابن: 7] الآية، وقوله: { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } [الأنبياء: 104]، وقوله: { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } [يس: 78-79]، وقوله: { فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [الإسراء: 51] والآيات بمثل هذا كثيرة جداً.
وقوله: { بَلَى } نفي لنفيهم البعث كما قدمنا. وقوله: { وَعْداً } مصدر مؤكد لما دلت عليه "بلى". لأن "بلى" تدل على نفي قولهم: لا يبعث الله من يموت. ونفي هذا النفي إثبات، معناه: لتبعثن. وهذا البعث المدلول على إثباته بلفظة "بلى" فيه معنى وعد الله بأنه سيكون. فقوله: { وَعْداً } مؤكد له. وقوله: { حَقّاً } مصدر أيضاً. أي وعد الله بذلك وعداً، وحقه حقاً، وهو مؤكد أيضاً لما دلت عليه "بلى". واللام في قوله:
{ لِيُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ } [النحل: 39]، وفي قوله: { { وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [النحل: 39] الآية، تتعلق بقوله: "بلى" أي يبعثهم ليبين لهم..إلخ. والضمير في قوله: { لَهُمُ } عائد إلى من يموت. لأنه شامل للمؤمنين والكافرين.
وقال بعض العلماء: اللام في الموضعين تتعلق بقوله:
{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً } [النحل: 36] الآية. أي بعثناه ليبين لهم..إلخ والعلم عند الله تعالى.