التفاسير

< >
عرض

ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً
٣
-الإسراء

أضواء البيان في تفسير القرآن

ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة من حملهم مع نوح, تنبيهاً على النعمة التي نجاهم بها من الغرق. ليكون في ذلك تهييج لذرياتهم على طاعة الله. أي يا ذرية من حملنا مع نوح، فنجيناهم من الغرق، تشبهوا بأبيكم، فاشكروا نعمنا. وأشار إلى هذا المعنى في قوله: { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ } [مريم:58] الآية.
وبين في مواضع أخر الذين حملهم مع نوح من هم؟ وبين الشيء الذي حملهم فيه، وبين من بقي له نسل، وعقب منهم، ومن انقطع ولم يبق له نسل ولا عقب.
فبين أن الذين حملهم مع نوح: هم أهله ومن آمن معه من قومه في قوله:
{ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ } [هود:40].
وبين أن الذين آمنوا من قومه قليل بقوله: { وما آمن معه إلا قليل }.
وبين أن ممن سبق عليه القول من أهله بالشقاء امرأته وابنه. قال في امرأته:
{ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمْرَأَةَ نُوحٍ } [التحريم:10] إلى قوله { ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّاخِلِينَ } [التحريم:10]، وقال في ابنه: { وَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ } [هود:43]، وقال فيه أيضاً: { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ } [هود:46] الآية. وقوله: { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } أي الموعود بنجاتهم في قوله: { فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ } [المؤمنون:27] الآية، ونحوها من الآيات.
وبين أن الذي حملهم فيه هو السفينة في قوله:
{ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا } [هود:40] الآية. أي السّفينة، وقوله: { فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } الآية. أي أدخل فيها - أي السفينة - { مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَك }.
وبين أن ذرية من حمل مع نوح لم يبق منها إلا ذرية نوح في قوله:
{ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَاقِينَ } [الصافات:77]، وكان نوح يحمد الله على طعامه وشرابه، ولباسه وشأنه كله. فسّماه الله عبداً شكوراً.
وأظهر أوجه الإعراب في قوله: { ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا } [الإسراء:3] - أن منادى بحرف محذوف.